صوتُ ضجيج أقدامِ المُشاة تضرب في الأرض تصيح (هيــه)، وإنارة مُسلّطة على امتداد الشارع تظهر كُل من يمشي على الأقدام، والطائرات ترصد أزيزًا في السماء؛ تخبرك بأنّها ترصد كُل كائنٍ يتحرّك أثناء تنفيذ المهمّة، وعلى الأرض ما يزيد عن (30) آلية عسكرية على أهبّة الاستعداد.
أحاطوا الخليل بآلياتهم، وفرضوا طوقًا على السُكان، وتقدّموا اتجاه قرية "بني نعيم" بالمدينة، ورفعوا صوت ضجيج مايكروفونهم قائلين بلغتهم العربية المكسّرة: "إخلوا البيت.. عائلة الطرايراة تطلع من بيتها.. راح نفجّر البيت".
كانت عقارب الساعة تشير إلى انتصاف تلك الليلة (12:00)، والجميع أفاقوا مذعورين من الحشد الذي قدم إلى البيت، وما إن استجمعوا وعيهم للصوت الصادر من الخارج؛ حتّى تلاه نداء آخر من ذات المصدر يقول: "كُل الحارة تطلع من هان.. راح نفجّر بيت طرايرة.. بسرعة".
الجميع خرج من بيته يردد "حسبنا الله ونعم الوكيل"، ونظرات الحقد تشع من عيونهم، فتقدّم جنود الاحتلال "الإسرائيلي" اتجاه منزل الشهيد محمد الطرايرة، والمكون من ثلاثة طوابق، وزرعوا بداخله موادًا متفجرة، وابتعدوا عن المكان قليلًا.
صوت دويّ الانفجار صدر في تمام الواحدة فجرًا، والغبار ملأ أرجاء المكان، ثم سخر جُنديٌ "إسرائيلي" قائلاً: "أنتم إرهابيين.. راح ندمّر بيوتكم".
وبعدما انسحبت الآليات، وساد المكان الهدوء؛ ظهرت معالم البيت مُدمّرًا فيه الطابق الثاني الذي كان يقيم فيه محمّد، والدمار يصحب الطوابق الأخرى؛ كما المنازل المجاورة.
يقول ناصر الطرايرة –والد الشهيد محمد-: "كُنّا نتوقع أن يرتكب الاحتلال حماقة ويتعامل بسياسة العقاب الجماعي، ويدمّر المنزل.. نحن لم نستغرب على "إسرائيل" فعلتها، لأنّها تمارس أجندتها".
ويعود بذاكرته ليسترجع ذكرياته مع نجله محمّد، يقول: "أفتخر بما فعله ابني، رُغم أنني لم أكن على علمٍ بذلك، ونحن كشعب فلسطيني نرد على اعتداءات الاحتلال بطرقنا الخاصة".
وطالب المؤسسات الحقوقية والإنسانية؛ بأن تسعى لاسترجاع جثمان ابنه محمّد، والمحتجز منذ ما يزيد عن شهرٍ ونصف في ثلاجات الاحتلال، عقب تنفيذه عملية طعنٍ في مستوطنة "كريات أربع" في الخليل.