في الخامس عشر من يوليو، أعلنت حركة حماس نيتها المشاركة بقوة في الانتخابات البلدية، الأمر الذي أربك الاحتلال والسلطة الفلسطينية، فعلى ما يبدو كانت المؤشرات لديهم أن وضع حماس لا يسمح لها بالمشاركة في الانتخابات، وأنها ستمتنع كما امتنعت عام 2012م.
منذ ذلك الحين، بدأ الكُتاب والمحللون والصحفيون الصهاينة بصياغة "الخلطات السحرية" لإفشال الانتخابات خشيةَ فوز حماس، بل وجزم بعضهم أن المضي في إجرائها عبارة عن هدية على طبق من ذهب تقدمها السلطة لحركة حماس، معللين ذلك بأن الحركة ستحقق فوزاً ساحقاً في معظم المجالس المحلية.
صحيفة معاريف نشرت على صفحتها يوم السبت مقالين أحدهما تحت عنوان "كيف يمكن لإسرائيل وأبو مازن إفشال الانتخابات المحلية" للكاتب ران أدلست، والثاني تحت عنوان "كيف يمكن إنقاذ فتح؟" للكاتبة كارولين غليك
وتأتي رؤية الكاتبين بعد تقديرات -نقلتها وسائل إعلام عبرية- لمسؤولين في جهاز الأمن "الإسرائيلي" بفوز مرشحي حماس في أغلبية البلديات والمجالس القروية خلال الانتخابات المحلية القادمة.
وافتتح ران مقالته بالقول: "إنه في أعقاب الإعلان عن وجود انتخابات محلية في الضفة الغربية والقطاع، حدثت الفوضى الحالية التي تسيطر على الأجهزة الأمنية، وهذا ما دفع زئيف الكين على سبيل المثال للقول "قرار أبو مازن لم يعد ذا صلة، وإن السلطة قد انهارت، وإن علينا الدخول إلى مراكز المدن في الضفة الغربية وفرض السيطرة".
ويؤكد أن مصلحة "إسرائيل" هي انتخاب رجال أبو مازن، لافتا إلى تقاطع مصالح (رئيس حكومة الاحتلال بنيامين) نتنياهو وعباس في إفشال الانتخابات. وأضاف ران: "المشكلة هي كيف يمكن التلاعب بانتخابات يشرف عليها المجتمع الدولي من خلال ممثلين من عدة دول؟".
الكاتبة كارولين غليك، كانت مباشرة في طرح ما يؤرق الاحتلال، فكتبت مقالها في صحيفة معاريف تحت عنوان "كيف يمكن إنقاذ فتح؟". وبحسب اليكس فيشمان الذي كتب في "يديعوت"؛ فإن رئيس السلطة أبو مازن وحركة فتح "ليسوا وحدهم الخائفين؛ أيضا قيادة الجيش الإسرائيلي تعيش في حالة ضغط".
ووفق التقرير؛ فإن وزير الجيش افيغدور ليبرمان أجرى في الأسابيع الماضية نقاشات عدة مع قيادة الجيش، لذلك تبنى الخطة التي أعدها منسق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلة، وأهمها: نقل صلاحية التخطيط والبناء في المناطق ج من الإدارة المدنية إلى السلطة.
كما أشار إلى أن ليبرمان يؤيد أيضا المصادقة على البناء "غير القانوني" للفلسطينيين في المناطق ج، وسيوافق على إقامة مدينة فلسطينية جديدة في الضفة على نمط مدينة روابي، فيما يبدو أنه محاولة لإظهار إيجابيات للسلطة التي تفقد شعبيتها.
وتتساءل الكاتبة غليك: "لماذا يعتقد الجيش الاسرائيلي أن التنازل عن صلاحية البناء والتخطيط سيزيد فرص فوز مرشحي فتح في الانتخابات البلدية القادمة؟ وعلى أي أساس تحدد الأمر؟"، عادّةً أن تجربة السنوات الأخيرة أثبتت أن ما وصفتها بـ"التنازلات" لا تشجع الفلسطينيين على تأييد السلام".
كما تتساءل "هل ستطبق إسرائيل التنازلات في حال فوز حماس في الانتخابات، أم أن الحديث عن أمر مشروط؟".
بدروه، قال المختص في الشؤون العبرية مأمون أبو عامر، اليوم الاثنين لـ"الرسالة نت": "إسرائيل تخشى فوز حماس لأن هذا الفوز سيعزز شرعيتها في المنطقة، خاصة وأنها تعتبر نفسها قد نزعت عنها الشرعية الدولية بعد أحداث الحسم العسكري".
وأضاف: "هناك رؤية تقول أن إضعاف أبو مازن ليس من مصلحة اسرائيل لأنه يصب في مصلحة حماس، وأن فوز حماس يعتبر نجاح لتيار المقاومة على تيار التسوية".
واعتبر أبو عامر أن إسرائيل تخشى فوز حماس خاصة وأنها تعمل على خفض مستوى التوتر في الضفة من خلال انعاش الاقتصاد، وفي حال فازت حماس فهي أمام خيارين: "إما أن تقوم باتخاذ اجراءات لتعطيل المجالس وهذا سيؤدي لتشويش الحياة المدينة ويزعزع الاستقرار، أو تسمح بنشاط المجالس وهذا سيكون مكسب لحماس".
وأشار إلى أن هناك صمت رسمي إسرائيلي تجاه الانتخابات، معداً إياه مؤشراً على حالة الارتباك والقلق، مضيفاً: "اسرائيل تتجنب الحديث الرسمي خشية التصويت الاحتجاجي الفلسطيني لصالح حماس".
من جهته؛ رأى المختص في الشأن "الإسرائيلي" وليد المدلل بأن الاحتلال الإسرائيلي يخشى فوز حماس في الانتخابات المحلية، معتبراً أن فوز الحركة سيقلب المشهد الفلسطيني في وجهه.
وقال المدلل: "إن فوز حماس في الانتخابات البلدية من شأنه تغيير المشهد السياسي الفلسطيني، وهذا هو السبب الرئيسي في حالة الخوف التي تسيطر على كيان الاحتلال.
واعتبر أن المشهد السياسي الموجود حاليا في الأراضي الفلسطينية مريح للاحتلال، حيث يعمل ويمارس نشاطاته بشروط ميسرة، لافتاً إلى أن التحذيرات الاسرائيلية لقادة لسلطة الفلسطينية من فوز حماس تأتي في سياق تخويف الطرف الآخر ودفعه لتزييف أو تأجيل الانتخابات.
ومن المقرر أن تجري الانتخابات المحلية، في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وتشمل 416 هيئة محلية، بينها 141 مدينة وبلدة و13 مدينة كبيرة، بين البلديات 25 في قطاع غزة، ويبلغ عدد الناخبين حوالي 2.6 مليون ناخب.