أكد تقدير موقف أعده مجلس العلاقات الدولية على أن فصائل المقاومة الفلسطينية يمكنها أن تلعب دور إيجابي في الصراع الطائفي المُحتدم ومحاولة التنفيس من حالة الاحتقان لتوجيه الأنظار نحو القضية الفلسطينية.
وأوصى التقدير الذي جاء بعنوان "سلوك تركيا وإيران السياسي تجاه المقاومة الفلسطينية بين المصالح والمبادئ" بضرورة أن تتعامل القيادة الفلسطينية بموقف موحد تجاه كافة الأطراف العربية والإقليمية، وأن تدير الأطراف الفلسطينية خلافاتها مع إيران بطريقة مختلفة والتركيز فقط على أهمية القضية الفلسطينية بعيداً عما يحدث في الإقليم.
وأشار إلى أهمية تنويع العلاقات مع إيران وعدم اقتصارها كما السابق على المالي والعسكري، والضغط عليها للفصل بين موقفها من القضية الفلسطينية، وصراعاتها في الإقليم.
وفيما يتعلق بتركيا، أوصى التقدير بفتح أفاق جديدة للعلاقات مع تركيا في المجالين الاقتصادي والثقافي، واستغلال حالة التعاطف التركي مع القضية الفلسطينية، إلى جانب الأدوار التي يمكن لتركيا أن تلعبها في عدة ملفات أبرزها الانقسام الفلسطيني، وملف صفقة تبادل الأسرى، خاصةً بعد تطبيع علاقاتها الدبلوماسية مع "إسرائيل"، مبيناً أن الوزن السياسي الكبير لتركيا يؤهلها لوضع حداً للانتهاكات الإسرائيلية تجاه المسجد الأقصى.
وطرح التقدير ثلاثة سيناريوهات لطبيعة العلاقة بين فصائل المقاومة وكل من تركيا وإيران على ضوء المعطيات الحالية، تقدمها تخلي تركيا وإيران عن دعم القضية والمقاومة، مضيفاً أن ذلك "يبقى وارد بالنسبة لعلاقات إيران بالمقاومة الفلسطينية وخصوصاً حركة حماس، لكن علاقة تركيا بحماس من الصعب مقارنتها بالعلاقة الحمساوية الإيرانية".
وتابع أن "إيران كانت توجه غالبية دعمها نحو المال والسلاح، بينما تركيا تُركز دعمها نحو الاقتصادي والإنساني، وهو أمر لا يزعج الأطراف الأخرى بما فيها "إسرائيل"، لذلك وقف تركيا دعمها للمقاومة أمر يبدو مستبعد".
وأوضح التقدير أن ما يُعزز هذا السيناريو فيما يتعلق بإيران هو حملها لراية فلسطين ونجاحها في ذلك لسنوات طويلة، لدغدغة مشاعر الرأي العام الإيراني والعربي، وتوقيع إيران لاتفاقها النووي مع الغرب الذي قلص من فرص مواجهتها مع الغرب أو إسرائيل لأنها أصبحت لاعب مهم ومقبول دولياً في الشرق الأوسط.
وأما تركيا فهي تمر بأزمات داخلية وخارجية متلاحقة وانهيار مبدأ "تصفير المشاكل" الذي انتهجته عام 2002، ما يمكن أن يدفعها نحو مراجعة مواقفها الإقليمية الحادة في الفترة القادمة، في ظل تأزم الوضع السوري.
وعلى ضوء ذلك من المحتمل أن تتجه تركيا نحو إعادة هيكلة العلاقات مع حركة "حماس" على وجه التحديد، لكن ذلك يمكن أن نطلق عليه "تراجع تكتيكي" لا تخلي، وفق التقدير.
والسيناريو الثاني: برود العلاقات وتحولها إلى علاقة عادية وهو الأقرب في الوقت الحالي بالنسبة لعلاقات إيران بقوى المقاومة، لكن علاقات الأخيرة مع تركيا أفضل حالاً، لكن الوزن النسبي لهذا السيناريو أقوى من السيناريو الأول.
وما يُعزز هذا السيناريو بحسب التقدير هو تراجع موقع القضية الفلسطينية في ظل تعدد الصراعات السياسية والطائفية في المنطقة، واستمرار الأزمتين السورية والعراقية وانشغال إيران وتركيا بمحيطهما الحيوي. كما أن تركيا حريصة على مراعاة حسابات التوازن مع إسرائيل وتخصيص دعمها في المجالات الاقتصادية والاغاثية.
وذكر التقدير بعض العناصر التي تنفي هذا السيناريو وأبرزها حرص إيران على استقطاب حركة حماس إلى جانب حلفاؤها المركزيين في المنطقة من أجل دعم مواقفها، كما أن دعم المقاومة الفلسطينية يمثل التزام قيمي بالنسبة لحزب العدالة والتنمية في تركيا.
والسيناريو الثالث: تعاظم الدعم التركي الإيراني للقضية الفلسطينية، وهذا السيناريو له وزن نسبي أكبر من السيناريو الأول لذلك يمكن القول أن علاقات تركيا وإيران بالمقاومة ستتراوح بين السيناريو الثاني والثالث.
بالنسبة لتركيا فإن علاقتها مع المقاومة الفلسطينية ما تزال في إطارها الداعم، فهي حريصة على تقديم دعمها الاقتصادي والاغاثي والإعلامي، وما يُعزز هذا السيناريو أهمية حماس والجهاد الإسلامي الكبيرة في برنامج المقاومة التي تبنته إيران، وهو ما أعطى تحالف المقاومة زخماً على الساحة الإقليمية، بالإضافة إلى عدم وجود فصيل فلسطيني بديل يمكن لإيران أو تركيا الاعتماد عليه.
وبين التقدير أن ما يرجح هذا السيناريو أن المقاومة الفلسطينية هي مفتاح دخول القوى الإقليمية للقضية الفلسطينية، خاصةً وأن قطاع غزة يمثل الحلقة الأهم كونه الوحيد الذي لديه القدرة على إحراج "إسرائيل".