الرسالة نت- رائد أبو جراد
مع إشراقه شمس كل صباح ، يبدأ العشريني طارق البنا مشوار البحث عن لقمة عيش لأفراد أسرته التسعة، مستقلا دراجته النارية التي اعتاد التجول بها بين أزقة غزة، لتوصيل طلبات زبائن المطعم الذي يعمل فيه.
رغم المخاطر
ويعبر البنا عن حبه لمهنته وحرصه على استمرارها رغم المخاطر التي قد يتعرض لها أثناء أدائه لعمله، خاصة بعد انتشار الحوادث المرورية التي ازدادت بعد انتشار استخدام الدراجات النارية.
"طارق" احد تسعة أبناء لوالده الذي أقعده المرض عن العمل مما اضطره للسعي والبحث عن رزق أسرته القاطنة في حي الصحابة وسط غزة الأكثر اكتظاظاً بالسكان.
مهنة الشاب الغزي الذي يطلق عليه الزبائن (صيني ديلفري) يعتبرها كثيرون خطيرة وتؤدي في كثير من الأحيان لموت محقق إلا أن "طارق" يعتبرها" ممتعة وتكسبه خبرة ومهارةً كبيرة في كسب احترام المستهلكين من الزبائن الذين اعتادوا على وجهه العشريني صاحب الابتسامة العريضة.
ويقول البنا لـ"الرسالة نت" في مطعم سامي بيتزا: "أعمل في المطعم منذ عامين وأنتظر اتصالات الزبائن لإيصال ما يطلبوه من معجنات مختلفة حيث أرادوا داخل مدينة غزة فقط".
ويشاركه الرأي زميله في نفس المهنة الشاب أشرف المغربي 28 عاماً العامل في مطعم الطابون للمعجنات، مشيراً إلى أنه أوكل إليه عمل جديد تمثل في توصيل الوجبات وطلبات الزبائن لأماكن تواجدهم عبر دراجة نارية وفرتها له إدارة المطعم.
عمل متواصل
وقال المغربي الذي جلس خلف مكتب استقبال الزبائن بالمطعم منتظراً أن يرن الهاتف ليخرج في رحلة توصيل جديدة مريحة للمستهلك: "لدينا دراجتان لإيصال الخدمات والوجبات المطلوبة من المستهلكين في الوقت المحدد للحفاظ على سمعة المطعم".
وقال أن الطلب يتم عبر الهاتف أو الجوال أو بالقدوم المباشر للمطعم ويقوم الزبون بطلب المنتج الذي يريده لنوصله فيما بعد لمنزله أو المكان الذي يرغب في وصولنا له.
وقال البنا أنه يعمل 15 ساعة متواصلة يومياً ، منوها إلى أن ذروة العمل تتركز صباحاً وفي أوقات الغداء بعد الظهيرة وبعد العشاء، موضحاً أنه يعمل عبر الاتصال وأنه جاهز للوصول للزبائن حيث شاءوا ومتى أرادوا رغم المشقة التي يلاقيها.
وتتطلب مهنة توصيل الطلبات السرعة في التسليم خاصة مع وجود تنافس بين أصحاب المطاعم والمحلات التي تقدم هذه الخدمة، وحول وجود خطر على السائق أثناء قيادته للدراجة النارية وحرصه على سرعة توصيل الطلبية قال البناء: "السرعة خطأ أثناء قيادة الدراجة وأقود دراجتي بعقل وخبرة لازمتني طيلة عام ونصف بسرعة معقولة ودون تهور"، مؤكداً أنه يتعرض أحيانا لإيقاف شرطة المرور له وطلبها الرخص، مشيرا إلى أنه يفتقد هذه الرخص بسبب معاناته من الضائقة المالية.
فيما لفت العامل المغربي إلى أنه بدأ العمل في خدمة التوصيل للوجبات منذ عامين، موضحاً أن معظم المطاعم والمحال التجارية والمؤسسات أصبحت تعتمد على هذه الخدمة الجديدة بغزة لإيصال خدماتها وبضاعتها لزبائنها بهدف كسب رضاهم.
وبين المغربي الذي انشغل بتوجيه العاملين في المطعم لتقديم الوجبات اللازمة للزبائن أن إيصال الوجبات ضمن "خدمة التوصيل السريع" يتركز على مناطق مدينة غزة فقط وبعض المناطق القريبة في جنوب القطاع، مشدداً على حرصه الكبير لإيصال الخدمات لكن في الوقت المعين لكل مستهلك.
اتصال مباشر
أما الشاب "طارق" فنوه إلى حفظه لكافة شوارع غزة وكامل أزقتها وميادينها ومعاملها الواضحة والخفية، مضيفا أن الناس أصبحوا يقبلون على هذه الخدمة كثيراً وأصبحوا يتصلون بي مباشرة ، وعندما أصل إليهم يقولون (نعرف انك وصلت من رائحة المعجنات الطيبة التي ملأت المكان)".
ويشكو البنا من تدني الراتب: "أتلقى أسبوعياً مبلغ 200 شيكل فقط كراتب على جهدي وتعبي خلال العمل وهذا المبلغ لا يسد رمق عائلتي وإخوتي طلاب الجامعة ووالدي المريض"، إلا أنه يردد في كل وقت شكره لله.
وأكد المغربي أنه يهدف للحفاظ على الدرجة التي أؤتمن عليها من قبل المطعم، مبيناً انه يريد الإبقاء على السمعة الطيبة عن عمله مضيفاً:"أقوم بإيصال الطلبات للزبائن بكل فن ومهارة وبدون سرعة مفرطة وبكل أريحية بما يحقق رغبة المستهلك المتواصل معنا ورضاه".
فيما لفت البنا إلى وجود شركات مختصة في غزة عملها مقتصر على إيصال الطلبات وتلبية خدمات المواطنين عبر استخدام "التوصيل السريع" سواء للمنازل أو المؤسسات والمكاتب أو الأفراد أنفسهم المتصلين بهذه الخدمة، مبيناً أنه يحصل على مبلغ زهيد مقابل إيصال الطلبات للمواطنين مرتبط بالمسافة التي تقطعها دراجته النارية في الوصول لمكان ذلك الزبون.
من جانبه، أكد وائل المناعمة أستاذ العلاقات العامة في الجامعة الإسلامية أن الحياة أحدثت حصول طفرة في عملية التسويق حيث انتقل هذا المفهوم من نظام المقايضة إلى المفهوم الاجتماعي له حيث بدأ المسوق للسلع والأفكار يبحث عن كيفية خدمة المستهلك بأقل إمكانات معينة وبأقل جهد يمكن أن يبذله المستهلك مقابل الحصول على السلعة أو الخدمة التي يرغب بها.
رضا الزبون
وقال المناعمة لـ"الرسالة نت" :"وجود المنافسة الشديدة بين المسوقين في العالم جعل كل صاحب سلعة أو خدمة معينة يبحث عن وسائل يسعى من خلالها لاكتساب رضا الزبون نفسه، لذلك جاءت هذه الوسائل مثل خدمات التوصيل للمنازل والمؤسسات والضمان وخدمة التسوق عبر شبكة الانترنت، هناك خدمات حالياً بشكل منقطع النظير".
وأشار المختص في شئون الإعلان والتسويق إلى أن خدمة التسوق عبر الانترنت من حيث حجم التبادل التجاري في العالم أصبحت الزيادة السنوية تصل لأكثر من 200% في هذه الخدمة.
وأوضح أن هذه الخدمة "التوصيل السريع" موجودة منذ عدة سنوات لكنها دخلت الأسواق في السنوات القريبة لمحاولة كسب رضا المستهلك وتقديم أيسر السبل للحصول على السلعة أو الخدمة في السوق المحلي بقطاع غزة.
وتابع المناعمة :"هناك كثير من المحال التجارية لا يوجد لها منافذ توزيع مباشرة كمحلات العرض إنما تعتمد في كل تسويقها على خدمة التوصيل السريع من خلال الاتصال الهاتفي أو الاتصال عبر الانترنت وتقدر مبيعاتها بالملايين سنوياً".
وأرجع أستاذ التسويق سبب استخدام المطاعم والمؤسسات للدراجات النارية لسهولة استعمالها وسرعتها في إيصال الطلبات وتبادل السلع وخدمة الزبائن رغم مخاطرها، وحرص على عدم ربط خدمة التوصيل عبر الدراجات بمشكلة الحوادث الواقعة في غزة، هذا لا يعيب التسويق وتوصيل السلع للبيوت لأنها ليست السبب في وقوع هذه الحوادث.