للخروج عن المألوف والحياة الأكاديمية

"مي تو يو" مبادرة لطلبة الطب بعيدًا عن "الرداء الأبيض"

غزة-محمد أبو زايدة

رداء أبيض ناصع لونه يسرّ الناظرين؛ يرتديه كُل طالبٍ يدرس في حقلِ الطبّ داخل أسوار الجامعة، لكنّ طلبة وجدوا أنّه "يهلك الإبداع، ويرفع مقام الروتين"، فجلسوا خلف طاولةٍ بيضاوية الشكل، يتدارسون فيها فكرة "الخروج عن المألوف وكسر الجمود في التعليم".

صفّق الطالب وليد الحوت بأصبعيه؛ مُعلنًا عن فكرةٍ تمزج ما بين الحياة الجامعية والواقع، وبدأ بتكوين مبادراتٍ ونشاطات متنوعة؛ تهدف إلى الانخراط في المجتمع؛ وعنونت تحت اسم "مي تو يو".

تقول هديل أبو عون وهي إحدى طلبة الفريق، "مع ضغوطات الدراسة، والروتين الجامعي القاتل، أصبح لدينا رغبة ملحة بعمل شيء، وهنا خطرت فكرة تكوين فريق وقررنا إعطاءه اسم "مي تو يو"؛ ليساهم بإضافة حياة إلى الحياة الجامعية.

الفريق يهدف إلى "نقل تجارب، وتبادل خبرات، وتكوين صداقات، وأفكار عبقرية، وإلهام الطلبة المنتسبين، وإبداع، وتحفيز، وتحديات، وضحكات من القلب، وحياة تحمل في طيّاتها معاني الجمال"، وفق أبو عون.

وتوضّح أنّهم وضعوا بعض الأهداف على صفحتهم تنص على "تنمية مهارات واستغلال أوقات الشباب، والتشبيك بين الطلاب وأنفسهم والمؤسسات العاملة، ودمج الطالب في المجتمع وتحريره من قيود الدراسة والروتينية".

وتتابع: "مي تو يو هي عالمنا الخاص الذي نحاول أن نُوجِد فيه كل شيء نتمنى أن نجده في الواقع، وتهدف المبادرة إلى تغيير النظرة للطالب الجامعي بشكل عام، فالمرحلة الجامعية هي الفترة التي يتم فيها صقل شخصية الطالب وتوسيع مداركه وهذا يتحقق من خلال احتكاكه بالمجتمع ومشاركته بأنشطة وفعاليات لامنهجية إلى جانب دراسته الجامعية".

يتكوّن الفريق من 6 أعضاء، وهم "وليد الحوت، وعبد الرحمن صيام، وعبد الرحمن شامية، وسارة اللولو، ويارا فليفل، وهديل أبو عون"، وارتأوا بأن تزهر نواة "مي تو يو" ليفوح شذاها، ففتحوا باب الانتساب لطلبة الطبّ من الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة، ونجحوا في استقطاب (24 طالبًا وطالبة).

تقول أبو عون: "بعدما تم تكوين الفريق والاتفاق على الأهداف، تم نشر الاستفتاءات حول رأي الطلبة في الحياة الجامعية ونشرنا بعض التشويقيات دون الإفصاح عن المبادرة، فيما بعد نشرنا إعلانًا للمبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، مع تعريف بالفريق وتوضيح أهداف المبادرة، وتم استقبال الطلبات وفرزها واختيار المشاركين بناءً على إجاباتهم في طلب التسجيل".

وتشير إلى أنّه تمّت مقابلة المسجلين وتمّ اختيار 24 مشتركًا، وتعقّب: "نسعى إلى أن نضم مزيدًا من الكليات للمبادرة، ونتوسّع لتعمّ الفائدة لجميع الطلبة".

كانت لقاءات الفريق تتضمن تلقّي محاضرات في أماكن متعددة عن الحياة وأسرارها، وثم النزول للميدان والاختلاط بالأطفال والصغار وشتّى شرائح المجتمع، وتقديم أعمالٍ تطوعيّة في مجالاتٍ مختلفة بعيدة عن جمود تخصص الطب.

"الرسالة" حصلت على آراء بعض الطلبة الذين انتسبوا إلى الفريق، ونزلوا إلى الميدان، منهم من ابتاع الآيس كريم، وآخرون عاشوا تجربة الصحافة، وأخرى تولّت إدارة مؤسسة دولية، وطالبة أضحت في سويعات مربية أطفال داخل "روضة"، وكثيرة هي التجارب.

صفاء زين الدين تقول: "كان اليوم هو دوري في عملي التطوعي ضمن الفريق وكان من نصيبي أن أتواجد في روضة للأطفال، على خلاف ما اعتدت عليه من تجارب في حياتي، فأحببت أن أكون بالفعل قد خضت تجربة جديدة".

وتتابع: "تعاونت مع مربية الفصل في تعليم الصغار، وتعلمت أن الأطفال وإن كانت تجمعهم فئة عمرية واحدة تحت مسمى واحد وهو "طفل" إلا أن التعامل معهم فيه فروق فردية واضحة، ولا يصح أن تعمم طريقة واحدة للتعامل بها مع جميعهم".

أمّا الطالبة بنان حجازي، والتي كانت مهمّة عملها التطوّعي داخل أسوار صيدلية، تقول: "انقضت ساعتان من العمل  كأنهن لحظتان، تعلمت كيف أقيس الضغط واكتسبت معلومات جديدة عن الصيدلة وتعلمت كيف تصير عملية جرد الأدوية، وساعدت الدكتورة ديما في تنسيق خزانة التجميل لتجذب الزبون".

وأيمن جندية له حكاية تحوّل لساعاتٍ من طالب طبٍ بعباءة بيضاء، إلى بائع في سوبر ماركت، يقول بعد احتكاكه بالمواطنين: "تعلمت أشياء كثيرة في هذا اليوم، منها الدقة والسرعة والإتقان في العمل، وحب العمل الموكل لي، وكذلك أضحيت فنانًا في استقبال الزبائن ووصف المنتج الذي يريدونه مع تقديم أفضل الجودة والأسعار.

ومع نهاية استعراضنا لبعض نماذج من طلبة الطب أثناء عملهم التطوّعي، نقدّم أحمد فرج، والذي عمل في محلّ للآيس كريم، يقول عن تجربته: "تعلمت كثيرًا من الأشياء منها أنواع البوظة وكيفية صنعها في المصانع والأسعار وكيفية وضعها في الثلاجات والنظام المتبع في العمل والمكان والمواد والآلات المستخدمة كان شيئًا يستحق التجربة فهي أجمل ما قمت به".

وينهي حديثه عن الفريق: "تعلمنا من خلال المبادرة الحب وروح الأخوة المخلصة، وزرعت ثمار التميز اجتماعيًا وعلميًا"

البث المباشر