قائد الطوفان قائد الطوفان

اشتباكات بلاطة.. المواطنون رهائن لرصاص الفلتان الأمني

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

نابلس- الرسالة نت

حين أشارت عقارب الساعة إلى الثانية بعد منتصف ليلة أمس، اقتحمت الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة مخيم بلاطة شرق مدينة نابلس شمال الضفة المحتلة، إيذانا ببدء عملية أمنية جديدة ضد مسلحين تابعين لحركة فتح.

وتمكن عشرات عناصر الأمن من اعتلاء البنايات المطلّة على المخيم في شارع القدس وحي الضاحية، وبعض البنايات الأخرى على أطراف المخيم، في حين انتشرت باقي القوة العسكرية على مداخل المخيم، وما هي إلا لحظات حتى اخترقت زخات الرصاص سكون ليل المخيم.

وداخل أزقة المخيم، انتشر المسلحون الملثمون؛ للتصدي للحملة الأمنية، وبين هذا وذاك، تعالت صرخات النسوة وبكاء الأطفال خوفا من الرصاص المتطاير من فوق رؤوسهم.

واقتحم المئات من عناصر أمن السلطة مخيم بلاطة الليلة الماضية، وسط اشتباكات عنيفة مع مسلحين مطلوبين لديها، أصيب خلالها ثلاثة بالرصاص، اثنين من المسلحين، وعنصر من الأمن، الذي فقد إحدى عينيه.

"استيقظنا على صوت الرصاص الذي أصاب جدران بيتي من الخارج، وما أن حاولنا النهوض للنزول للطابق الأرضي من البناية حتى وصلت بعض الرصاصات لداخل المنزل"، يقول الشاب حسين عمر أحد سكان المخيم.

ويضيف في شهادته لـ "الرسالة نت": "للحظة ظننت أني سأفقد أحدا من أطفالي أو أصاب أنا أو زوجتي بالرصاص".

في حارة أخرى من حارات المخيم، كان مشهد آخر لمسلسل الرعب الليلي الذي بات لا يفارق المخيم، أحد المسلحين أصيب بشظية رصاص، كان يركض ويطرق على الأبواب طلباً للمساعدة، وصوت الرصاص يعلو على نداءاته.

"أم لؤي" إحدى السيدات التي تسكن في حارة وسط المخيم، تقول لـ "الرسالة نت": "إطلاق النار من الطرفين يكون بشكل عشوائي، نستيقظ مرعوبين من صوت الرصاص، نبتعد عن النوافذ نحاول أن نخفف وطأة الخوف عن قلوب أطفالنا".

تتابع: "في الليلة التي يقتحمون فيها المخيم لا يمكننا أن ننام، فالمسلحون ينتشرون في الأزقة وبين المنازل، والسلطة تطلق النار باتجاههم، ونصبح نحن ضحية اقتتال الطرفين".

ومع اشتداد الاشتباكات بين الطرفين، تبدأ النداءات عبر مآذن المساجد بالمخيم، يناشدون فيها الطرفين بوقف إطلاق النار، وحقن الدماء، وحماية المواطنين الآمنين في منازلهم.

ويشهد مخيم بلاطة منذ شهور اشتباكات مع أجهزة أمن السلطة في إطار حملة أمنية ضد مطلوبين لديها ومن تصفهم بـ "الخارجين عن القانون".

ويصل عدد المطلوبين لأجهزة أمن السلطة نحو 30 مسلحاً من حركة فتح، بحسب مصادر من داخل المخيم.

ويرفض المسلحون تسليم أنفسهم لأجهزة السلطة، ويتصدون لعمليات الاقتحام التي تشنها بين فترة وأخرى.

أحد شبان المخيم الذي رفض ذكر اسمه خشية الملاحقة من إحدى الطرفين، يقول لـ "الرسالة نت": "من تلاحقهم السلطة اليوم من المسلحين، كانوا يدها الضاربة خلال فترة الفلتان الأمني، كانت تستعين بهم لتستولي وتعتدي على مؤسسات حركة حماس والجمعيات الخيرية، وفي الاعتداء على أبناء الحركة".

يتابع: "اليوم انقلبت الآية، وأصبحت السلطة تريد أن تقطع هذه اليد التي كبرت وترعرعت في كنفها".

ويستدرك: "كل المسلحين من فتح، لا ننكر أن من بينهم أسرى محررين، لكن هناك متهمين بجرائم قتل أو مخدرات، وكلهم يحملون السلاح للاستعراض، ولا علاقة لهم بالمقاومة، فلا نراهم عندما تقتحم قوات الاحتلال المخيم، ولا نسمع رصاصة واحدة تُطلق على جنود الاحتلال حينها".

ومنذ نحو عام، عملت وساطات من وجهاء المخيم ومسئولين وقادة فصائل في مدينة نابلس على إتمام اتفاق بين عدد من المسلحين وأجهزة السلطة، يقضي بتسليم أنفسهم للسلطة في سجن الجنيد، حيث تم الاتفاق بحضور رئيس الحكومة رام الحمد الله، في حين رفض مسلحون آخرون تسليم أنفسهم.

وفي ظل تواصل الاشتباكات بين الطرفين، يعيش أهالي مخيم بلاطة بحالة من القلق والإحباط نتيجة عدم الوصول لحل ينهي الوضع القائم.

ويعد مخيم بلاطة من أكثر الأماكن التي تشكل تحديا أمام أجهزة السلطة للسيطرة على المسلحين هناك، فالطبيعة الجغرافية للمخيم الأكبر في الضفة الغربية، تقف عائقا أمام أي خطة اقتحام للأجهزة لاعتقال المطلوبين.

وكانت مدينة نابلس قد شهدت أحداثاً دامية قبل نحو شهرين، عندما اقتحمت الأجهزة الأمنية البلدة القديمة بالمدينة لاعتقال مطلوبين، حيث اندلعت حينها اشتباكات عنيفة أدت لمقتل اثنين من المسلحين واثنين من عناصر الأمن.

البث المباشر