تتقاذف رياح الخصومة بين رئيس السلطة محمود عباس وغريمه السياسي محمد دحلان، الأوراق السياسية في غزة، على وقع نتائج مؤتمر عين السخنة ولقاء الرئيس محمود عباس بقيادة حركة حماس في الدوحة، لتشكل خليطًا يأمل فيه أهل غزة أن يُحسّن أوضاعهم.
وتجاوزت المتغيرات السياسية في سرعتها تقلبات المناخ في موسم الخريف، فمن مؤتمر دحلان في القاهرة والسماح له بالتحرك في القضية الفلسطينية عبر بوابة غزة، بموافقة تبدو ضمنية من حماس، إلى لقاء عباس بمشعل، ورغبة متبادلة في إعادة تحريك ملف المصالحة والعمل على استئنافها بعد تعطلها عدة أشهر.
تزايد التنافس بين عباس ودحلان، دفع بالأول لبحث سبل تقليم أظافر خصمه، بتوجهه إلى للدوحة؛ للحصول على اطمئنان من حماس يقطع فيه الطريق على عودة دحلان إلى غزة، أما الثاني فاتخذ من أزمات القطاع وتحديدا ملف معبر رفح مسلكا لتعزيز نفوذه والولوج إلى قيادة فتح والسلطة من جديد.
ويبدو أن أجواء الخريف انعكست على الظرف السياسي الفلسطيني، الذي يشهد تساقطا لأوراق الرئيس عباس لدى القاهرة، التي بدأت تستعيض بدحلان عنه، وفتحت أبوابها ومنتجعاتها السياسية لصالح الأخير، عدا عن نوافذها الإعلامية التي يطل عليها خصمه بين الفينة والأخرى ليتهجم عليه.
ومن الناحية السياسية، فإن القاهرة ستشهد تنظيم ثلاثة مؤتمرات جديدة خلال الفترة المقبلة، وفقا لما كشفه طارق فهمي مساعد رئيس المركز القومي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة خلال حديثه لـ "الرسالة نت".
قيادي من حركة فتح قال إن المؤتمر الأول سيعقد خلال الأسبوع المقبل لرجال أعمال واقتصاديين بمشاركة مئة منهم تقريبا، للبحث في تفاصيل الأزمات الاقتصادية في غزة.
وأوضح القيادي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ "الرسالة نت"، إن المؤتمر الثاني سيستضيف فئات مختلفة من الشباب والمخاتير وممثلين عن منظمات ومؤسسات دولية، إضافة إلى المشاركين في المؤتمر الأول الذي عقد في منطقة عين السخنة المصرية، متوقعا ان يعقد الأخير قبل نهاية الشهر المقبل.
على صعيد معبر رفح، أكدت قيادية فتحاوية بارزة، وجود وعود مصرية بفتح المعبر خلال المرحلة المقبلة ضمن فترات منتظمة، قد تصل لعشرة أيام ستوزع على الشهر، وستكون كل فتحة متخصصة بسفر فئة معينة، مشيرة إلى أن إعلان فتح المعبر سيكون مرتبط بالجانب المصري وفقا للظروف الأمنية.
وذكرت القيادية لـ "الرسالة نت"، أن المعبر سيفتح أبوابه الأسبوع المقبل، لسفر رجال الأعمال وفئات أخرى، مؤكدة أنه أسند لنواب دحلان وفريقه، مهمة العمل على تسهيل سفر طلبة غزة خلال الفترة المقبلة، وقد تمت عملية التسجيل في مكاتب بعض نوابهم كماجد أبو شمالة وأشرف جمعة، اللذين بزغا اسمهما كقيادات مباشرة لفريق دحلان بغزة، رغم فصلهما رسميا من قائمة فتح النيابية في المجلس التشريعي.
ويتقلب المناخ السياسي وفقاً لما تقتضيه المصالح وتفرضه المتغيرات المحيطة في الاقليم، لكن يبدو أن الجفاف لا يزال يسيطر على العلاقة المباشرة بين حماس والنظام المصري، غير أن طارق فهمي قد قال في حديث لـ "الرسالة نت"، إن دعوات المؤتمرات القادمة لن تستثني الأطياف الفلسطينية الأخرى ومن بينها حماس "فهي مرحب بها في مصر"، وفق قوله.
أمّا على النقيض الآخر، فإن شعور الرئيس عباس بأزمة الموقف اتجاه الدعم العربي لخصمه السياسي، دفعه للذهاب في جولة تشمل تركيا وقطر، إذ تصادفت زيارته للثانية بوفاة جد الأمير القطري، فألغت قطر مواعيدها الرسمية ودعت عباس إلى مأدبة غداء شارك فيها كلا من خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس ونائبه إسماعيل هنية.
ويكشف أحد المشاركين في الاجتماع لـ "الرسالة نت"، أن الرئيس عباس أوكل ملفات المصالحة برمتها إلى وفد حركتي حماس وفتح المسؤولين عن المصالحة تحديدا عزام الأحمد وموسى أبو مرزوق، وقال " فليجتمعوا ويتفقوا في القضايا التفصيلية وفق ما تفاهمنا عليه".
ويصر المسؤول على أن اللقاء الذي جمع عباس وقيادة حماس كان اجتماعا غير رسمي، ولم يصدر عنه نتائج رسمية بقوله " كان عبارة عن دردشات، كشف كل طرف للآخر عما يفكر به".
ووفي تفاصيل اللقاء، قال المسؤول إن عباس حرص على التركيز في قضية خصومته مع دحلان ودعم الرباعية العربية له، فكان رد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس" نرفض بشدة أي ضغوط عربية لتنصيب رئيس بدون انتخابات".
وفيما يتعلق بالمصالحة، لم تخفِ حماس انزعاجها من تخلي عباس عن مسؤولياته اتجاه غزة، إلى أن تم الاتفاق خلال اللقاء على استئناف اجتماعات المصالحة في الفترة المقبلة.
وأكد المسؤول أن لقاء عباس بمشعل انتهى بعد ساعتين من الحديث بين الطرفين، بطمأنة حمساوية مشروطة لعباس بأن الوضع في غزة لا يمكن أن يبقى في حالة الجمود الراهنة، وأن إسناد أي حراك يبقى مرهونًا على مواقف الرئيس القادمة.