مقال: عباس يناور

مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

مصطفى الصواف

 لا تصدقوه فهو يكذب ويناور سواء في زيارته لتركيا أو في قبوله دعوة قطر للالتقاء بقيادة حماس، مشكلة عباس يعتقد أنه يمكن له أن يناور في أرض مكشوفة وأمام جمهور يعرف خفاياه وما يسعى اليه.

عباس في جولته لتركيا وقطر لم يكن يسعى إلى إنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة بقدر سعيه نحو توجيه رسائل إلى بعض أطراف ما يسمى بالرباعية العربية وتحديدا مصر والامارات اللتين تعاملتا مع عباس على أنه من الماضي وَأن أيامه في الحاضر باتت معدودة وأصبح الرجل المريض الذي يمكن أن تسوى تركته وتوزع وفق ما تريد هذه الاطراف الخارجية؛ ولكن عباس رغم إدراكه لهذه الحقيقة بكل مراراتها إلا أنه يكابر ويعاند وهو الآن يناور على الجميع ويوهم البعض أنه يحمل جديدا.

عباس بزيارته أو جولته كان يسعى إلى التلويح لمصر تحديدا بأن هناك بديلا، وهو يعلم ومصر تعلم بأن هذا البديل لا ينسجم مع فكره ومنطقه وما يخطط له؛ ولكنه يريد بيع أوهام للشعب الفلسطيني حين أشاع عبر عزام الاحمد أن حماس طلبت اللقاء بفتح من أجل المصالحة، وأن فتح تدرس الطلب وسترد عليه وظن البعض أن هناك إعادة تفكير جديدة لدى عباس في إنهاء الانقسام وعقد مصالحة حقيقية من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

فكان اللقاء في الدوحة والتقى عباس بمشعل وهنية، وأنا على يقين أن قيادة حماس تعلم علم اليقين أن عباس يناور ولا يحمل جديدا، ولن يخرج من الدوحة إلا كما دخل اليها؛ ورغم ذلك استجابت لدعوة قطر وجلست مع الرجل وأسمعته واستمعت إليه ولم يكن ما تحدث به مفاجئا لهم وتبين أن الرجل لم يغير قناعته ولم يعد حساباته، وجاء حاملا معول الهدم وسكين الانقسام ويصر على  اسطوانة الانتخابات التشريعية وحكومة وحدة وهذه الحكومة التي يريدها عباس تحمل برنامج الاعتراف بإسرائيل ، والانتخابات لنا فيها تجربة في انتخابات البلديات والتي ابطلها بعد التهديدات والتحذيرات العربية والاسرائيلية والفتحاوية والتي أجمعت أنها لن تكون في صالحة وصالح حركة فتح.

ما طرحته حماس هو نفس الطرح المتوافق عليه فصائليا انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني وعقد التشريعي وتطبيق اتفاقيات المصالحة واتفاق 2005 المتعلق في منظمة التحرير، وهذا يتحقق في انهاء الانقسام ووحدة الشعب الفلسطيني وحكومة توافق وطني على برنامج وطني متفق عليه وليس على برنامج محمود عباس القائم على الاعتراف بإسرائيل.

انتهى اللقاء بعد رفض محمود عباس لعقد التشريعي وحل الاشكاليات المتعلقة بقطاع غزة وعلى رأسها الموظفين بشقيهم المدني والعسكري وفق اتفاق الشاطئ الذي على أساسه قامت حكومة التوافق برئاسة الحمد لله والتي لم تفعل شيئا لغزة.

في النهاية عباس لا يريد مصالحة ولكن يخطب ود مصر والتي على ما يبدو حسمت أمرها ونفضت يدها من محمود عباس وانحازت بشكل كامل لمحمد دحلان وهي تعمل الان على رسم النهاية التي سيكون عليها محمود عباس وكيف سيُجلب محمد دحلان للحلبة، ويبدو أن دحلان هو من يرسم النهاية عبر اسلوبه القديم الجديد هو التصفية الجسدية، وما يجري في نابلس وبلاطة والامعري وجنين ليس ببعيد فهو ليس انفلاتا امنيا كما يظن البعض؛ ولكنه تصفية حسابات وخشية من تكوين مليشيات تشكل الذراع الضاربة لمحمد دحلان في الضفة الغربية.

البث المباشر