أجندة الأسبوع الجاري كانت حافلة بالمحطات والمناسبات الفارقة في ذاكرة الشعب الفلسطيني، ورغم تباعد خطها الزمني إلا أن محاولة إعادة إنتاجها في إطار زمني متصل يصلح فلما وثائقيا قصير بعنوان فلسطين الحياة والموت.
15 نوفمبر 1988 كان يوم إعلان الاستقلال الفلسطيني، يومها لوح ياسر عرفات بإصبعه ورفع صوته من الجزائر حتى بلغ صداه الأراضي المحتلة، فجاءه الجواب من الشعب الفلسطيني يصدح بحنجرة واحدة: "امضي ونحن خلفك مقاتلون". خرجنا من كل بيت وحي وشارع بالهتاف والتهليل والتفجير وتحولت أسطح المنازل الى مآذن للتكبير، واشتعلت الأرض رغم حظر التجول الذي قيد الضفة والقطاع.
رحل ياسر عرفات في نفس الأسبوع 11 نوفمبر لكن عام 2004، بعدما اغتالته أوسلو مسموما، واليوم يتفرق سم الغدر بين قبائل فتح، فبينما قتله الاحتلال مرة واحدة، يقتله رفقاؤه وخصومه مع كل ذكرى رحيل، وهكذا اختنق إعلان الاستقلال تحت ضربات المبادرات والمؤامرات، وفي هذا المشهد مثلت فلسطين حكاية حياة وموت.
في هذا الأسبوع أيضا كان إعلان من نوع آخر فقد كان يوم 14 نوفمبر 2012 إيذانا بالإعلان عن ضرب (تل ابيب) بصاروخ فلسطيني لأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، هذه المرة ظهر مشهد الموت بلون مختلف، فقد شكل اغتيال أحمد الجعبري الى جانب اكثر من 160 شهيدا خلال سبعة أيام من معركة حجارة السجيل نقطة تحول في مسار المواجهة المسلحة مع الاحتلال، كانت تعبيرا آخر عن الاستقلال الفلسطيني بطريقة مختلفة، وكانت اللحظة عصية على الاندثار تحت ركام المفاوضات والاتفاقيات، ظل العدو واحد وللدم عنوان معروف يتجاوز المزايدات السياسية والتوظيف السلطوي.
في حارتنا الفلسطينية الكبيرة نختلف وقد نتقاتل، حتى إذا قتل الفلسطيني بأيدي العدو، نترحم جميعا عليه ونسامحه وإن كان لنا دين عليه من بقايا وطن أو قضية. لهذا أصبح من نافلة القول: إن الفلسطيني الجيد هو الفلسطيني الميت.
ودائما... لحكاية فلسطين الموت والحياة بقية.