قائد الطوفان قائد الطوفان

ينبئ بتفكيك أزمات القطاع

خلاف شركاء الحصار يشعل المنافسة على ساحة غزة

عباس والسيسي
عباس والسيسي

غزة-شيماء مرزوق

عشر سنوات قضاها سكان قطاع غزة في حصار قاسٍ أنهك مقدراتهم واستنزف طاقتهم، ذاك الحصار الذي كانت له عناوين ثابتة ومشتركة في إحكام قيوده على الغزيين، أبرزها السلطة الفلسطينية ممثلة برئيسها محمود عباس ومصر و"إسرائيل".

هذه الأطراف التي من المعروف أنها تاريخياً تعمل بمنطق الحلفاء فيما يتعلق بالملف السياسي الفلسطيني، حيث تحالفوا أكثر منذ فوز حركة حماس عام 2006 وبعد الانقسام 2007 للتضييق على قطاع غزة وحصار سكانه لإفشال تجربة الديمقراطية التي لم تخرج بنتائج تناسبهم.

وقد اتضح هذا التحالف بقوة خلال سنوات الحصار التي عطلت فيها السلطة كل محاولات التخفيف عن غزة، بل وقدمت مقترحات لمصر لتشديد الحصار خاصة فيما يتعلق بإغلاق الانفاق واغراقها بالمياه، بحسب تصريحات أبو مازن.

عقد من الزمان لم ينجح في إسقاط حركة حماس في غزة رغم كل ما تعرض له القطاع من حصار وحروب لينتهي الحال بضعف حركة فتح وتشرذمها على عكس رغبة هذه الأطراف التي بذلت جهود جبارة لإضعاف حماس.

الخلاف الفتحاوي الداخلي الذي طال وتوسعت تداعياته بعد فصل القيادي محمد دحلان من الحركة دفع العديد من الدول العربية أبرزها مصر للتدخل لإنهاء الخلاف ما اصطدم برفض أبو مازن المتكرر لذلك ومن هنا يمكن القول ان هذا التحالف بين السلطة ومصر بدأ يهتز خاصة بعدما حسمت مصر موقفها الداعم لدحلان.

وكما كان سابقًا التحالف الفتحاوي المصري الداعم الأساس لحصار غزة، يبدو ان الخلاف بين الطرفين اليوم سيصب في مصلحة قطاع غزة وتخفيف الحصار عنه.

وقد ترجم ذلك الإجراءات المصرية الأخيرة والتسهيلات التي جرت خاصة فيما يتعلق بمعبر رفح وفتحه المتكرر على عكس ما جرت العادة والسماح لعدد كبير من أهالي القطاع بالسفر، إلى جانب المؤتمرات العديدة التي جرت برعاية المخابرات ما يعكس رؤية مصرية جديدة للتعامل مع غزة.

لا يمكن القول إن المتغيرات الحالية أنهت هذا التحالف لكن الخلافات الموجودة لا يمكن أن تخطئها العين والبرود بين مصر وفتح أبو مازن زعزع هذا التحالف، والمفارقة هنا أن ساحة غزة هي الملعب في هذه المباراة.

طوال السنوات الماضية كانت غزة خارج دائرة اهتمام الرئيس عباس الذي سحب منها كل مراكز الثقل والقيادة سواء على مستوى السلطة او حركة فتح، كما تجاهل معاناة أهلها وساهم في تشديد الحصار، واليوم يجد الرجل نفسه مجبرا على الالتفات لغزة التي أدار الظهر لها طويلاً.

ويتضح من بعض المعطيات التي برزت مؤخراً أن أبو مازن مهتم بالعودة لساحة غزة لقطع الطريق على خصومه من خلال بعض الإجراءات أهمها استدعاء القيادي أحمد حلس ودعمه في اللجنة المركزية ليشكل بديلا عن دحلان، وتلافي الانتقادات التي كانت توجه له دائماً بانه يستثني غزة من القيادة.

عدم وجود عدد كبير من القيادة الفتحاوية في غزة وحضورهم المؤتمر السابع لحركة فتح، إلى جانب خطابه الذي حمل متغيرات مهمة وهي رفضه وصف أحداث 2007 بالانقلاب، وتوجيه الشكر لقطر ولرئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في خطوة وصفت بتطور لافت.

والأهم أنه تحدث باهتمام عن الوحدة الوطنية وإمكانية تقديم تسهيلات لتحقيقها واستعداده لتشكيل حكومة وحدة وطنية واجراء الانتخابات.

كل ذلك ينبئ بأنه سيعمل على تحسن الأوضاع المعيشية لغزة من خلال حل بعض أزمات القطاع التي شاركت السلطة في تعميقها وتأزمها سابقاً، وذلك كونه يدرك ان القطاع سيشهد انفراجا لا يرغب ان ينسب الفضل فيه لدحلان فترتفع أسهمه.

لكن هذه التصريحات والتغييرات لا تنفي صفة المراوغة عن الرجل المعروف بحنكته السياسية والعناد، فهو الثمانيني الذي من الصعب ان يغير مواقفه وقناعاته الا في حال كان يعمل ضمن خطوة تكتيكية يهدف من خلالها لتحقيق هدفه وهنا يبدو قطع أي طريق لعودة خصمه دحلان.

ويبدو أن التنافس بين هذه الأطراف لخدمة غزة سيكون سمة المرحلة المقبلة، فالمؤشرات تؤكد أن عباس سيزيد اهتمامه بغزة لعدة أسباب، وهي أن المدخل الوحيد لعودة دحلان إلى المشهد السياسي الفلسطيني هي ساحة غزة التي يحظى فيها بتأييد كبير بين الفتحاويين لذا يرغب أبو مازن في قطع الطريق عليه.

كما أن السياسة المصرية الجديدة اتجاه القطاع تعني ان غزة ستشهد تسهيلات غير مسبوقة، أهمها فتح معبر رفح وتسهيل الحركة فيه، والسماح بالتبادل التجاري بين غزة ومصر ما سيحسن من الوضع الاقتصادي ويسحب ورقة الضرائب والجمارك من يد السلطة.

في المقابل فإن مصر لها أسبابها الخاصة التي لا ترتبط بالملف الفلسطيني بشكل مباشر وهي الازمة الأمنية في سيناء وعدم قدرة الجيش على السيطرة رغم الحملة الشرسة التي شنها ضد الجماعات المسلحة هناك، لذا فان رؤية المخابرات الجديدة تدعم فكرة الانفتاح على غزة خاصة في الناحية التجارية لتحقيق مكاسب اقتصادية وأمنية من خلال إلهاء عناصر هذه الجماعات في التجارة.

البث المباشر