قائمة الموقع

مقال: تعرف خيري لما تجرب غيري

2016-12-05T07:13:49+02:00
وسام عفيفه مدير عام مؤسسة الرسالة
وسام عفيفة

 ما يراه الفلسطيني غريب واستثنائي خارج فلسطين عمومًا وقطاع غزة تحديدًا ومختلف تمامًا عما يراه الآخرون، أحد الطلاب الفلسطينيين الدارسين في ماليزيا اجتمع بأسرته أخيرًا يروي مفاجآت الأيام الأولى لأطفاله، فقد ناموا ليلتهم الأولى على إنارة وعندما استيقظوا صباحًا، تساءلوا بدهشة لماذا لم تنقطع الكهرباء، كانت صدمة جميلة بالنسبة لهم.. أما لعبتهم المفضلة لاحقًا فكانت إطفاء الأنوار لدقائق وعند إشعالها يصرخون بفرح كما اعتادوا في غزة كلما عادت الكهرباء بعد طول انتظار.

جاء في المثل الشعبي نصيحة لمن يسافر إلى بلد بعيد يصعب عليه الوصول لعنوان يقصده :" اللي يسأل ما بيتوه"، لكن يبدو أن هذا المثل يحتاج إلى تعديل في زمن الإنترنت والتكنولوجيا الحديثة، أما التعديل فهو: "اللي بيستخدم جي بي اس وبيسأل خرائط جوجل ما بيتوه" هكذا يبدو العالم صغيرًا عبر شاشة النقال تتحرك مئات الكيلو مترات في بلاد لم تطأها قدمك من قبل بمساعدة المرشد الإلكتروني... بالمناسبة هناك شاب فلسطيني تفوقت قدراته على الجي بي اس ويتحرك بسيارته ويعرف الأماكن والشوارع في كوالالمبور (نحو 2مليون نسمة) أفضل من الماليزيين أنفسهم حتى سائقي الأجرة لا يستطيعون الحركة دون مساعدة خرائط جوجل في العاصمة التي تحتل مساحة تساوي أكثر من ثلث مساحة أراضي ماليزيا الاتحادية. على ذكر الفلسطيني المتميز، ونظرًا للطبيعة الخلابة في ماليزيا ومن بينها الشلالات الكثيرة فقد قرر أحدهم تسمية شلال على اسمه وأطلق عليه شلال أبو عايش وإضافته كعنوان على خرائط جوجل.

يدور جدل ساخن بين واقع الفلسطيني المقيم في الوطن والمغترب.. فالطرفان غير راضين عن واقعهما ... المقيم في الوطن يتمنى المغادرة إلى أي داهية المهم يخرج من السجن والحصار.. بينما الفلسطيني المغترب، يردد :أحنّ إلى خبز أمي، وقهوة أمي، و لمسة أمي، و تكبر في الطفولة.. يومًا على صدر يوم، و أعشق عمري لأني إذا متّ، أخجل من دمع أمي"، لن ينتهي هذا الجدل إلا إذا خرج الأسير، وعاد المغترب، حينها سيكتشف كلاهما مدى صدقية رؤيته، أما التنظير حول قيمة ومعنى الوطن، أو التغني بفوائد الهروب من جحيمه لن يجدي نفعًا، وعلى رأي المثل: "ما بتعرف خيري إلا لما تجرب غيري".

اخبار ذات صلة