منذ عقود طويلة ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية تجري على قدم وساق وفي يومنا هذا تشتد المحاولة من جل العمل على حماية (أمن إسرائيل) وترسيخ وجودها على أرض فلسطين المغتصبة، مئات القرارات الدولية والمشاريع العربية والدولية والصهيونية طرحت تحت بند تسوية الصراع العربي الاسرائيلي والذي تحول فيما بعد إلى صراع فلسطيني إسرائيلي بعد أن خرج العرب من المعادلة بشكل واضح في أعقاب زيارة السادات للكنيست الصهيوني والاعتراف المصري بـ (إسرائيل) على حساب حقوق الفلسطينيين والذي تم في كامب ديفيد وتلى ذلك انهيار علني بالمنظومة العربية وتبعهم سقوط جزء فلسطيني في الوحل من خلال اوسلو .
هذا السقوط الفلسطيني سبقه محاولات فلسطينية في طرح مشاريع تصفية للقضية والشاهد على ذلك هو مشروع خالد الحسن والذي طرح في عام 1982 ثم كان بعد ذلك الانتفاضة التي نعيش أيامها اليوم ( انتفاضة الحجارة) والتي ظهرت خلالها حركة حماس كذراع عسكري للإخوان المسلمين في فلسطين، عندها أربك المشهد دعاة التصفية للقضية الفلسطينية وظنوا قبلها أن الوقت قد حان انهيار عربي وسقوط فلسطيني والفرصة مناسبة للقضاء على حلم الفلسطيني بالعودة وإقامة الدولة والعمل على ترسيخ الوجود الصهيوني في فلسطين باعتراف الجميع عربا وبعض الفلسطينيين.
جاءت حماس ولم يكن الميلاد زيادة رقمية تضاف إلى بقية القوى الفلسطينية كثيرة العدد قليلة الفعل، فكانت حماس إضافة نوعية أعادت الاعتبار من جديد للقضية الفلسطينية وأحيت بوجودها المقاومة فكرا ومنهاجا بعد أن تم تصفيتها في آخر معاقلها في حصار بيروت، فكان الشتات للمقاومة الفلسطينية المتمثلة في ذلك الوقت بحركة فتح ومنظمة التحرير وكان ذلك تمهيدا لمدريد ومشاريع التصفية، فكان قدر الله للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية حركة حماس والتي ظهرت في وقت كانت الحاجة لها شديدة حتى تبقى القضية حية حتى يأتي أمر الله ليضع نهاية لاغتصاب فلسطين ولكن على أيدي فلسطينية ومسلمة وما ذلك على الله بعزيز،" ويسلونك متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
وأشتد الحراك للتصفية قبل أن يكبر الوليد الجديد الذي يؤمن بالمقاومة طريق للتحرير وهذا يعني هو تهديد وجودي (لإسرائيل) التي عمل الجميع على بقائها وتقويتها كي تسيطر على المنطقة العربية الهدف الذي من أجله كان وجود (إسرائيل).
واشتد عود حماس واستمرت مشاريع التصفية، وكبرت حماس وبدأت تحتل مكانة واسعة في الشارع الفلسطيني وجذبت أنظار الشارع العربي والاسلامي وباتت محط أنظار العالم، فكان لابد من التعامل معها من الداخل، أي من خلال أيدي فلسطينية إلى جانب الاحتلال الصهيوني، حوربت حماس واعتقل المجاهدين في سجون السلطة الفلسطينية واغتيل بعض قادتها، ومضت حماس وعاد لها مجدها وظهر في انتفاضة الاقصى بعد أن اقتنع ياسر عرفات بفشل اوسلو فكان التآمر على عرفات حتى تم اغتياله وبقيت حماس رغم ما تعرضت له.
خرج الاحتلال من قطاع غزة بعد ما اجبرته المقاومة على ذلك بعدما تبين حجم التكلفة البشرية والمادية للبقاء في القطاع ، وتحرر القطاع بإرادته رغم وجوده الاحتلال في محيطه البري وفي أجوائه ومياه، فكانت الانتخابات 2006 والتي شكلت مفاجأة للجميع وفازت حماس بالأغلبية وبهذا الفوز تأكد للجميع أن خيار الشعب الفلسطيني هو خيار المقاومة وحمت حماس المقاومة من خلال شرعية الانتخابات وأفشلت محاولات المستفيدين من التصفية أصحاب المصالح الخاصة والمستفيدين من الاعتراف بالكيان الصهيوني، فكان عباس ودحلان من كلف بالقضاء على حماس بعد فشل مشروع الاحتواء لها وكان لكل واحد منهم طريقته في التعامل مع إنهاء حماس، فكان عباس يؤمن بالقوة الناعمة فحرض وحاصر وقاطع وطالب الموظفين بالاستنكاف والجلوس في البيت، واستخدم سياسة تجفيف المنابع، لكن دحلان الطامع في السلطة كان يؤمن بطريقة مختلفة وهي طريق القوة والقتل والتصفية وهي طريقته المثلى، فكان القتل وسيلته والاجهزة الامنية أداته ولكنه نسي في لحظة غروره أن هذه الاجهزة لا تنتمي لوطن بقدر الانتماء للراتب رغم أن الاجهزة الامنية كانت تشكل امبراطورية لمن يقودها ولكنها المصلحة.