حركة المقاومة الإسلامية حماس وبعد مرور 29 عاما على تأسيسها أصبحت اليوم بناء شامخ وشاهق في الجهاد والسياسة والحكم، انطلقت من قواعد راسخة وتمثل امتدادا لجماعة الاخوان المسلمين التي انطلقت عام 1928م؛ وإن الكتابة عن حركة حماس ليست بالأمر السهل اليسير لأننا نكتب عن تاريخ جهاد شعب ضد المحتلين، ونكتب عن آلاف الشهداء والمجاهدين والآلاف من أبناء الحركة الذين اعتقلوا في السجون الصهيونية، ونتحدث عن الحركة التي انطلقت من رحم الآلام والمعاناة لتبني بناء شامخ ومؤسسات حركية تحمل على عتاقها بناء الإنسان والانطلاق في مشروع تحرير أرض فلسطين من دنس الغاصبين الصهاينة.
إن حركة حماس ببنائها الشامخ وجهادها الكبير هي امتداد لجهاد شعبنا الفلسطيني ضد الاحتلال البريطاني وضد المستوطنات اليهودية منذ ثلاثينات القرن الماضي؛ وامتداد لجهاد شعبنا الفلسطيني في ثورة البراق عام 1929 وثورة عام 1936م حيث خاض شبعنا آنذاك اضرابا تاريخا سمي اضراب عام 1936م وهو سطر لمرحلة مرحلة هامة في تاريخ فلسطين، وقد كان لجماعة الإخوان المسلمين دورا بطوليا جهاديا على الساحة الفلسطينية من خلال إرسال المجاهدين إلى أرض فلسطين وتنفيذ حملات جمع تبرعات لدعم فلسطين وجهاد شعبها، حيث قام الإخوان في عام 1948م بتشكيل الكثير من الفرق العسكرية وتوزيعها في غزة لمقاومة الاحتلال الصهيوني، والتاريخ الفلسطيني يشهد للإخوان دورهم في استرجاع تبة 86 (وهي تقع على بعد 2 كيلومتر شرقي طريق الأسفلت الرئيسي بين غزة ورفح وتتحكم في ملتقى طرق رئيسي)- ودحر الاحتلال الإسرائيلي عن غزة في 23 ديسمبر 1948م عن التبة؛ ويقول المؤرخ الفلسطيني عارف العارف " لقد أبلى الإخوان المسلمون في هذه المعركة (معركة التبة 86) بلاءً حسنًا، وكان يقودهم فيها كامل إسماعيل الشريف، ولقد سقط من الإخوان المسلمين ومن الجنود النظاميين عدد كبير من الشهداء"، وفي حرب عام 1967م كان لجماعات الاخوان والمقاومة الفلسطينية دورٌ بارزٌ في مواجهة الاحتلال الصهيوني واستمرت ذلك إلى فترة السبعينات حيث قام الاخوان بتأسيس المجمع الإسلامي وعمل حينها الشيخ المجاهد الشهيد أحمد ياسين وثلة من الاخوان الأطهار على تشكيل مجموعات الاخوان في غزة لمقاومة الاحتلال، و في عام 1983م اعتقلت سلطات الاحتلال الشيخ أحمد ياسين بتهمة حيازة أسلحة، وتشكيل تنظيم عسكري، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود، وحكم عليه بالسجن لمدة 13 عاماً، وأفرج عنه عام 1985 في إطار عملية تبادل للأسرى.
وفي الرابع عشر من ديسمبر عام 1987م انطلقت حركة المقاومة الإسلامية حماس مع انطلاقة انتفاضة الحجارة، و اعتمدت الحركة منذ انطلاقتها على قواعد وأركان جهادية متينة تعمل على تربية النشء وتهيئته وإعداده إعدادا قويا وعلى زرع حب الجهاد والمقاومة في قلوب أبنائها وشبابها وشيوخها ونسائها، كما استطاعت الحركة أن تكون الوقود والمحرك لانتفاضة الحجارة المباركة من خلال شباب المساجد وتقدم أبناء الحركة في ميادين المواجهات ضد جنود الاحتلال، ولقد أدرك العدو الإسرائيلي الخطورة الكبيرة لحركة حماس على دولته المزعومة، فأصبح أعضاء الحركة في دائرة الاستهداف الأولى للعدو وبدأت الملاحقات والاعتقالات والمداهمات اليومية لمنازل أبناء حماس وللمساجد، وقد كانت حماس في تلك المرحلة تعمل بصمت كبير تبني وتؤسس وتجهز أبناؤها للمرحلة التحرير القادمة، وتعمل على تطوير منظومة العمل لديها وتوسيع قاعدتها الشعبية والجماهيرية، وفي مايو/ أيار عام 1989م قامت سلطات الاحتلال بتوجيه ضربة قوية للحركة واعتقال مؤسسها الشيخ أحمد ياسين وعدد من قيادتها ظنا من الاحتلال أن هذه الضربة ستنهي حركة حماس، ولكن واصلت حماس جهادها وعملت على تأسيس الذراع العسكري لها كتائب الشهيد عز الدين القسام وتكوين الخلايا الأولى وقد استطاعت الحركة من خلال جهازها العسكري القسام تنفيذ مئات العمليات الفدائية والاستشهادية ضد الاحتلال، وكانت هذه العمليات مؤلمة على الكيان الصهيوني، ومنذ تأسيس كتائب القسام ويعمل رجال القسام على تطوير قدراتهم العسكرية والبشرية، إلى أن استطاعوا تصنيع الصواريخ المحلية وثم تطويرها إلى أن أصبحت اليوم تصل مداها كافة المدن الصهيونية، واليوم كتائب القسام تتصدر المعركة مع العدو الصهيوني من خلال قدراتها العسكرية والأنفاق التي تعتمد عليها في الدفاع عن أي هجوم إسرائيلي بري، لذا يحسب الكيان الصهيوني ألف حساب قبل خوض أي معركة عسكرية مع قطاع غزة، ولقد حققت صواريخ القسام معادلة توزان الرعب مع العدو، واستطاعت قصف المدن الصهيونية الرئيسة وبصورة علنية شكلت عقدة كبيرة للعدو الصهيوني في التصدي لهذه الصواريخ التي أرهقت العدو الصهيوني في كيفية مواجهتها ووقفها ولكن دون جدوى .
إن هذه الكلمات هي جزء يسير من تاريخ حماس الشاهق وتضحياتها العظيمة التي قدمت آلالاف الشهداء والأسرى والجرحى، وهي اليوم خيار شعب يقاوم ويجاهد من أجل تحرير أرضه من دنس الغاصبين، ومن أجل بناء دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس على كامل التراب الفلسطيني.