بمجرد أن تصل الشابة "منى شتيه" - 24 عاما- مكتبها تتصفح الجرائد اليومية فتبحث عن الأخبار التي تهم شرائح المجتمع كافة، وحينما تجد خبرا مثيرا تمسك قلمها الرصاص وتبدأ برسم أشكالا تناقضه، مما جعلها مميزة في هذا الفن الذي طورته بعد دراستها في كلية الهندسة.
عبر الهاتف، تواصلت "الرسالة" مع "شتية" ابنة مدينة سلفيت، لتتحدث عن تجربتها في الرسم على ورق الجرائد فتقول: "بعد انتهائي من الدراسة في كلية الهندسة لم ارغب بالعمل الهندسي، فجذبني عالم الصحافة الذي وجدت نفسي فيه أكثر (..) مما ساعدني على تنمية موهبتي في الرسم بأبسط الامكانيات المتاحة".
ومن خلال رسوماتها على ورق الجرائد، وكذلك القطع الخشبية والزجاجية، تمكنت من انشاء مشروع خاص بها أطلقت عليه "زركشات" من أجل ترويض موهبتها في إعادة تدوير المخلفات المنزلية لتصبح تحفا فنية يمكن استعمالها فيما بعد.
" لا توجد دولة بدون فقر أو ارهاب" عنوان خبر جاء في جريدة القدس، حينما انهت قراءته الشابة حولته إلى صورة فتاة تطير في الهواء مقبلة على الحياة، وعنوان اخر جاء حول مقتل فتاة على خلفية شرف استفزها الأمر وراحت تطلق العنان لأفكارها فخرجت برسمة تطالب بوقف انتهاك حقوق الفتيات.
صديقة البيئة
وعن لجوئها للرسم على ورق الجرائد، قالت أنها تهتم بالمحافظة على البيئة، لذا حاولت استغلال أوراق الجرائد واستخدامها في الفنون من أجل كسر الصورة النمطية، كون الجيل الجديد يعتبرها موضة قديمة ويلجأ للإنترنت لمعرفة اخر التطورات في البلاد والعالم.
وروت، أنها من خلال استخدامها لورق الجرائد تريد لفت انتباه الآخرين لبعض الاخبار المثيرة من خلال وضع لمساتها الفنية عليها كي يصبح للخبر قيمة، مشيرة إلى أنها قامت مؤخرا برسم فراشة بألوان زاهية تحلق في السماء على خبر مفاده "حصار فلسطيني" فهي كسرت الحصار بفنها لتوحي بمواصلة الفلسطينيين العيش رغم محاصرتهم من الجهات كافة.
وعن المدة الزمنية التي تستغرقها في تفريغ طاقتها الفنية على ورق الجرائد للخبر الواحد، ذكرت أنها لا تتجاوز عشرين دقيقة.
وعن زركشاتها التراثية، تقول بأنها مستوحاة من الطراز المعماري الاسلامي، وكذلك الخطوط العربية، موضحة أنها تقوم بتجديدها من خلال المزج فيها بين الأزمنة لتخرج للجمهور بطريقة جذابة.
ويطلق على "شتيه" صديقة للبيئة كونها تحول الزجاج والمعلبات والاخشاب إلى رسومات، يقبل عليها كثيرون ويطلبون منها المزيد، فهي مؤخرا قامت بتحويل "تابلوه" سيارة مدمرة إلى لوحة فنية وضعها صاحبها في بيته.
لم تتلق "شتيه" دعما من جهات مختصة، فقط تعتمد على موهبتها في الوصول إلى الجمهور الذي يدعمها دوما حينما تعرض عليه عبر صفحات التواصل الاجتماعي ما ترسمه، وتعقب على ذلك بالقول:" استغليت مهاراتي في استخدام "السوشال ميديا" للوصول إلى شرائح كبيرة من المواطنين لعرض أعمالي الفنية، وأصبحت أعرض بالفيديو ما ارسمه أو أحوله إلى تحف فنية مميزة من مخلفات الزجاج والاخشاب والبلاستيك".
وتابعت:" أصبحت أتبادل مع المهتمين الكثير من الأفكار لتحويلها إلى تحف فنية، واتعلم عبر الانترنت ومن ثم اقوم بتسجيل فيديو لكيفية انتاج قطعة كاملة".
مشروع "شتيه" الذي يعد صديقا للبيئة، دفع جامعة "بيرزيت" لترشيحها إلى جائزة الإبداع العربية على مستوى الوطن العربي، كون فكرة مشروعها تنصب حول "إعادة التدوير بطريقة فنية"، والذي تهدف من خلاله إلى رفع قيمة المخلفات في البيئة، وتغيير نظرة الناس عن تلك المخلفات وقيمتها المعدومة.
وتحرص الشابة، والتي تعمل في المجال الريادي أيضا على بث التفاؤل للآخرين من خلال أعمالها الفنية، سواء التي تعكسها على ورق الجرائد أو المخلفات الزجاجية والخشبية، فهي تضيف لكل قطعة فنية روحا جديدة مليئة بحب الحياة.