إدارة أوباما الأمريكية من أكثر الإدارات تفانت في دعم الكيان الصهيوني، وحماية أمن (إسرائيل) من خلال زيادة الدعم الأمريكي العسكري للكيان، وتوفير الدعم الدولي للكيان في الأمم المتحدة وكانت إدارة أوباما تشهر الفيتو دائمًا في وجه أي قرار أممي يدين الكيان؛ وإن كان القرار الأممي الأخير الذي يدين الاستيطان ويحمل رقم (2334) امتنعت الإدارة الأمريكية عن التصويت، إلا أن هذا الأمر لا يعفي الإدارة الأمريكية من دعمها للكيان الصهيوني وصمتها على جرائم الكيان بحق شعبنا الفلسطيني، والخطاب الأخير لوزير الخارجية الأمريكي جون كيري تحدث فيه عن الدعم والمساندة الأمريكية للكيان الصهيوني والحماية الكبيرة التي وفرتها أمريكا للكيان، كما تحدث عن المساعدات العسكرية التي قدمتها أمريكا للكيان، فضلًا عن مساعدة اليهود في إنشاء منظومة القبة الحديدية لحماية الكيان من صواريخ القسام، بل إن إدارة (أوباما) فتحت جسرًا جويًا لدعم الكيان الصواريخ والمعدات العسكرية خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة عام 2014م، وهذا يؤكد على ما تبذله الإدارة الأمريكية من جهود كبيرة من أجل خدمة الكيان الصهيوني وضمان أمنه وتفوقه العسكري على دول المنطقة العربية .
إن الإدارة الامريكية تعتبر الكيان الصهيوني ولاية رئيسة من الولايات الأمريكية، ولا يستطيع أي رئيس جديد يقف في وجه الكيان، بل إن الرئيس الأمريكي الجديد ( ترامب ) أعلن خلال خطاباته الانتخابية أنه سيعزز العلاقات مع الكيان الصهيوني، وسيدعم يهودية الدولة، وسيمزق الاتفاقية النووية مع إيران إرضاء للكيان الصهيوني، وأعلن عن إيمانه بالعقيدة اليهودية، وأنه سيعمل على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وسيدعم أن تكون القدس عاصمة للكيان الصهيوني، كما سيدعم زيادة الدعم العسكري للكيان الصهيوني والذي يناقش في أروقة الكونجرس الأمريكي ومجلس الشيوخ، كما تعهد بضم أراضٍ فلسطينية من الضفة الغربية للكيان؛ حتى أن قرار اليونسكو الذي نفت فيه أي رابط تاريخي أو ديني لليهود بالمسجد الأقصى أغضب ترامب كثيرًا.
ولا يخفى على أحد أن المسؤولين في الكيان الصهيوني أعلنوا عن سرورهم الكبير بفوز ترامب، حيث اعتبر وزير التعليم في الكيان (نفتالي بينيت) أن فوز ترامب يمثل نهاية فكرة الدولة الفلسطينية، ويشكل فرصة للدولة العبرية للتخلي فورًا عن فكرة إقامة دولة فلسطينية، أما وزيرة القضاء (إيليت شاكد ) فقد طالبت ترامب بالوفاء بوعده بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
إن السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية مثلت على الدوام إنكارًا للحقوق الفلسطينية ودعمًا للكيان الصهيوني، ولم تكن يومًا متوازنة في التعامل مع الفلسطينيين وحقهم في إقامة دولتهم الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني، وإن التعامل مع القضية الفلسطيني لا يتعلق بالرئيس وحده بل بمنظومة السياسة الأمريكية في تعاملها مع القضية الفلسطينية، ولا يستطيع الرئيس الجديد أن يسير عكس السياسة الأمريكية، بل إن هناك خطوطًا حمراء لا يجوز للرئيس تجاوزها فيما يخص قضايا (الشرق الأوسط ).
إن الإدارة الامريكية الجديدة لن تغير من تعاملها من الكيان ولن تستطيع وقف جرائم الكيان في سرقة أرضنا الفلسطينية ومواصلة بناء البؤر الاستيطانية، بل إن ما تلوح بها حكومة (نتنياهو) العنصرية من ضم الضفة الغربية والخطوات التنفيذية لذلك ربما تكتفي إدارة (ترامب) بتصريح صحفي هنا أو هناك، ولن تبذل إدارة (ترامب ) جهدًا كبيرًا مع الكيان من أجل وقف جرائم الاستيطان أو وقف جرائم مصادرة الأراضي أو وقف سياسات الاحتلال في هدم منازل المقدسيين أو مواصلة اعتقال الفلسطينيين وإبعادهم عن أرضهم، إن إدارة( ترامب ) ستكون الداعم الأكبر للكيان الصهيوني في كافة قراراته العنصرية وجرائمه بحق شعبنا الفلسطيني .
وهناك عدد من الدراسات والأبحاث أجريت تؤكد على أن فوز ترامب برئاسة أمريكا بشرى سارة للكيان الصهيوني، فقد أعد الخبير العسكري الإسرائيلي "عمير ربابورت" ورقة بحثية نشرها على موقع "يسرائيل ديفينس للدراسات العسكرية" أكدت على أن انتخاب ترامب هو لصالح الكيان الصهيوني وأن إيجابية انتخاب ( ترامب) ستظهر مباشرة في مجال دعمها العسكري، فرغم توقيع الجانبين اتفاقًا لزيادة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل في يوليو/ تموز الماضي، إلا أنه توقع أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة أكثر إنصاتًا للمطالب الإسرائيلية الخاصة بالجانب العسكري، لاسيما في مسائل التكنولوجيا المتطورة التي رفضت إدارة أوباما نقلها إليها، ومن الإيجابيات الأخرى لفوز ترامب المؤشرات التي تدل على هوية السفير الأمريكي في الجديد في الكيان (ديفيد فريدمان) وهو الشخصية المقربة من رابطة "أصدقاء مستوطنة بيت إيل" بالولايات المتحدة، والمتابع لخطابات (ترامب) وجولاته خلال إعداد وزارته الجديد يؤكد على أن سلوكه تجاه الكيان سيكون أكثر دعمًا ومساندة من إدارة أوباما.
يجب على المفاوضين الفلسطينيين ألا يعولوا كثيرًا على الدور الأمريكي الجديد في المنطقة أو تقديم مبادرة أمريكية جديدة من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي عن أرضنا أو وضع حلول سياسية جديدة، ولن تفكر إدارة (ترامب) أبدا في أي مبادرة جديدة بل ستدعم وتساند الكيان في جرائمه الاستيطانية في القدس والضفة، وستعزز أمن (إسرائيل) في مواجهة صواريخ المقاومة الفلسطينية.