مقال: "الأقصى" العظيمة وفرنسا الوضيعة .. بقلم : مصطفى الصواف

 

هكذا هي الأمور يجب أن تقاس، فرنسا هذه الدولة التي أشبعتنا شعارات عن الحرية والديمقراطية والعادلة والمساواة، وحرية الرأي والتعبير، تسقط أمام اختبار صغير بعد جريمة أسطول الحرية، وتكشف عن حقيقية عنصريتها ومعاداتها للشعوب التي تسعى لنيل حريتها وتدافع عن قضيتها وحق شعبها في مقاومة الاحتلال.

فرنسا ارض الثورة ( سابقا) وصاحبة العقد الاجتماعي التي  ينفرط عقدها أمام فضائية الأقصى، فضائية الشعب الفلسطيني، فضائية الدفاع عن الحقوق، فضائية كشف العورات لما يسمى بالعالم الحر، فضائية المقاومة والإعلام المقاوم الحر لشعب لازال يقع تحت الاحتلال منذ أكثر من ستين عاما.

القرار الفرنسي بوقف بث فضائية الأقصى على قمر نور سات هو قرار عنصري، وقرار جائر، قرار يكشف الزيف الذي تتشدق به الحضارة الغربية، وسقوط نلك الشعارات الزائفة التي كانوا يبيعونها على الناس في بلدان العالم، هذا القرار يثبت أن فرنسا الثورة أصبحت فرنسا العار، والعهر الدولي، فرنسا العنصرية التي تكيل بمكيالين، ففي الوقت التي يمارس فيها كل أشكال انتهاك حقوق الإنسان غير الفرنسي والفرنسي، رغم شعاراتها الكبيرة عن حقوق الإنسان والحريات، فرنسا التي تتاجر بالانحطاط الأخلاقي وسوء الخلق والذي أصاب رأس هرمها، تريد أن تبيع علينا النزاهة والديمقراطية، وتريد أن تبرر سقوطها في مستنقع العداء للحريات والديمقراطيات بتوجيه الاتهامات إلى فضائية الأقصى بأنها تحرض على العنف، علما أن فرنسا تعلم أن فضائية الأقصى تمارس حقها الطبيعي الذي مارسته فرنسا زمان الاحتلال النازي لباريس، هل في ذلك الزمن استقبلت فرنسا ببطلها شارل ديجول الاحتلال النازي بالأحضان والزغاريد، أو استقبلتها بالمقاومة، ثم المقاومة حتى تم طرد المحتل وعادت فرنسا حرة.

هل المقاومة كانت في تلك الفترة أمرا مشروعا لفرنسا ومحرمة اليوم على الشعوب المحتلة، أليس من حقنا كفلسطينيين أن ندافع عن شعبنا وأرضنا بكل الوسائل ومنها الوسائل الإعلامية التي باتت المقاومة الفلسطينية توظفها كرديف إلى جانب إشكال المقاومة المختلفة التي تتاح بين يديها؟.

هل كشف المجرم وفضح إجرامه، تحريض؟، هل دعوة العالم الحر إلى نصرة شعب يتعرض للمذابح والمحارق على أيدي يهود هو تحريض؟، هل القول للمجرم أنت مجرم وقاتل وتستحق المحاكمة تحريض؟، هل تحريك الشعوب الأوروبية وكشف الحقائق أمامها بكل وضوح وبالدليل الثابت عبر صور حقيقية تنطق بنفسها ولا تحتاج إلى تعديل أو رتوش هو عمل منافي للديمقراطية والحرية والعدالة؟، أما لكونه يصيب الصهاينة المجرمين يصبح عملا تحريضيا.

فرنسا التي اعتقد البعض في لحظة من اللحظات أنها سيدة أوروبا، وأنها الدولة التي تقود أوروبا نحو التحرر من التبعية الأمريكية، بهذا القرار أثبتت أنها غارقة حتى شحمة أذنيها تحت سطوة ورغبة الإدارة الأمريكية، ولم تعد فرنسا الحرية، ولن تكون من يقود القارة العجوز نحو الانعتاق من التبعية.

كم باتت فرنسا وضيعة وصغيرة، وكم بدت فضائية الأقصى عظيمة، وستبقى كذلك ولن يخمد صوتها وسيعلو صادحا بالحق مدافعا عن الشعب الفلسطيني ومقاومته، وستجد الوسيلة التي تفضح فيها الاحتلال الإسرائيلي وتكشف عن جرائمه وتقول للمتواطئين أمثال فرنسا أننا أقوى منكم جميعا رغم ضعفنا، وسننتصر على كل الباطل وأنصاره.

أمضي فضائية الأقصى نحو النصر، ولا تبتئسي ، وسيفرج الله كربك ، فقد عودتنا أن تكوني كالعنقاء تخرج من بين الركام أقوى وأصلب.

البث المباشر