أثارت تصريحات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب -التي أدلى بها في مقابلة الأحد مع صحيفتي "تايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية- غضبا في ألمانيا وانتقادات واسعة في الولايات المتحدة، وقلقا بالغا في أوروبا، وذلك بعدما طعن بالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل وحلف شمال الأطلسي (الناتو) وتلميحه برفع العقوبات عن روسيا.
وبعد انتقاد ترمب للاتحاد الأوروبي وإشادته بخروج بريطانيا، أكدت ميركل أن مصير الأوروبيين يبقى "في أيديهم". وناشدت المستشارة دول الاتحاد الأوروبي عدم السماح للانتقاد اللاذع من ترمب بتثبيط عزيمتهم.
ولم تشأ ميركل -التي استقبلت بلادها أكثر من مليون طالب لجوء منذ 2015- الرد بالتفصيل على هذه الانتقادات، معتبرة أن الآراء التي عبر عنها ترمب معروفة.
وقالت إن "مواقفي حول المسائل الأطلسية معروفة. والرئيس المنتخب عرض مرة أخرى مواقفه. وعندما يتسلم منصبه، وهذا ما لم يحصل بعد، سنعمل بشكل طبيعي مع الإدارة الأميركية الجديدة، وسنرى ما هي الاتفاقات التي سنتوصل إليها".
كما رفضت ميركل مجددا أي خلط بين التهديد "الإرهابي" واللاجئين الذين هربوا من الحرب في سوريا ووصل مئات الآلاف منهم ألمانيا.
من ناحية أخرى، طالب حزب الخضر الألماني بأن تعزز ألمانيا دورها في أوروبا، وأن تعمل على تقوية الاتحاد الأوروبي كرد فعل على تصريحات ترمب.
وشدد رئيس الحزب جيم أوزديمير على ضرورة توقع "أوقات عجاف" في العلاقة بين أوروبا وأميركا، والبحث عن شركاء مثل كندا أو ولايات أميركية بعينها بشكل منفرد.
من جانبه، ندد وزير الخارجية الأميركي جون كيري بـ "التصريحات غير اللائقة" التي أدلى بها ترمب تجاه الاتحاد الأوروبي والمستشارة الألمانية "الشجاعة" وذلك في مقابلة مع شبكة "سي أن أن" الاثنين في لندن.
وقال كيري "أعتقد بصراحة تامة أنه كان من غير اللائق لرئيس منتخب للولايات المتحدة أن يتدخل في شؤون دول أخرى بهذه الطريقة المباشرة".
ردود منتقدة
وقد تناولت تصريحات ترمب ملفات دولية عدة، كان في مقدمتها هجومه الشديد على الاتفاق النووي مع إيران ووصفه له بأنه "واحد من أسوأ الاتفاقات على الإطلاق". وتكهن ترمب أن يشكل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "نجاحا" وأن تتبعها دول أخرى بمغادرة الاتحاد الأوروبي. كما وصف حلف الناتو بأنه "عفا عليه الزمن".
وفي رده على هذه التصريحات، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما أهمية الاتفاق النووي مع طهران "ونتائجه الملموسة" محذرا الرئيس المقبل من مخاطر إلغاء الاتفاق الذي تدعمه القوى العظمى.
وقال بيان لـ البيت الأبيض إن على الولايات المتحدة أن تتذكر أن هذا الاتفاق كان نتيجة سنوات من العمل، ويمثل اتفاقا بين الدول الكبرى وليس فقط الولايات المتحدة وإيران، مضيفا أن الحل الدبلوماسي الذي منع امتلاك طهران لسلاح نووي هو أفضل بكثير من وجود برنامج نووي إيراني غير مقيد.
وكانت ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للأمن والسياسة الخارجية فيديريكا موغيريني أعلنت أن الاتحاد سيلتزم بالاتفاق النووي الإيراني، واصفة إياه بـ "البالغ الأهمية" خصوصا لأمن القارة.
كما أعلن وزير خارجية بريطانيا بوريس جونسون أن بلاده عازمة على مواصلة العمل بالاتفاق النووي الإيراني، مؤكدا أنه "ذو فائدة كبرى" كونه يمنع طهران من امتلاك السلاح النووي.
وفي السياق ذاته، أثارت تصريحات ترمب التي اعتبر فيها أن حلف شمال الأطلسي "تخطاه الزمن" قلقا بأوروبا، وقال وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير -عقب لقاء مع الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ- إن "الأطلسي" تلقى بقلق تصريحات ترمب.
واعتبر وزير الخارجية الفرنسي جان مارك أيرولت -من بروكسل لدى وصوله لحضور اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد- أن "أفضل رد على مقابلة الرئيس الأميركي هو وحدة الأوروبيين".
من جهته، قال المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف إنه يجب انتظار تسلم ترمب لمنصبه قبل تقييم مواقفه، وذلك ردا على تلميح ترمب باحتمال رفع العقوبات الأميركية عن موسكو مقابل الاتفاق على خفض السلاح النووي.
المصدر: الجزيرة نت