النقب الميت.. نكبة متجددة يواجهها أهالي القرى البدوية

غزة-الرسالة نت

تواصل قوات الاحتلال حربها الجغرافية والديموغرافية، ضد القرى البدوية في النقب المحتل، والتي تعاني الأمرين من الاحتلال الذي يهددها بالتدمير والتهجر بين الحين والآخر.

سكان "أم الحيران" إحدى تلك القرى غير المعترف بها من الاحتلال استفاقوا بالأمس على مواجهات بين السكان وجنود الاحتلال الذين حاولوا هدم عدد من منازل القرية الأمر الذي أدى لاستشهاد شاب وإصابة العشرات من السكان ومقتل جندي (إسرائيلي).

وينوي الاحتلال تشريد سكان القرية البالغ عددهم أكثر من 1000 شخص وهدم منازلهم وممتلكاتهم، بهدف تسكين عائلة "زلتسر" اليهودية والتي لا يتجاوز عدد أفرادها 5 أشخاص، حسب رواية بعض نشطاء الفيس بوك.

فيما ناشدت اللجنة الشعبية في القرية قيادات وناشطي القوى الوطنية والأحزاب السياسية الوقوف إلى جانبهم من أجل منع تنفيذ جريمة هدم 12 منزلا لأهالي القرية، وحذروا من أن الهدم والإخلاء يتهدد قريتهم في أي لحظة بعد محاصرتها من شرطة الاحتلال التي شرعت بإخلاء العائلات والاعتداء على النساء والأطفال.

وتواجه القرى الفلسطينية وخاصة البدوية منها في النقب المحتل، خطر نكبة متجددة في ظل التعنت الصهيوني، خاصة وان الاحتلال يعتبر البدوَ عائقًا أمام تطوّر النقّب لذا اتّخذت الحكومة (الإسرائيلية)، في السنوات الأخيرة، إجراءات واسعة النطاق ومدمّرة ضدّ البدو الذين يعيشون في القرى المعترف بها وغير المعترف بها في النقب، على حدّ سواء.

لكن الحقيقة تكمن في أن الاحتلال يخشى تمدد تلك القرى المعروفة بكثرة سكانها، ما يعني زيادة عدد السكان العرب في دولة الاحتلال الأمر الذي يمثل تهديدا لها.

السياسة الإسرائيلية ضد بدو النقب تستند إلى ما يسمى "النقب الميت"، وهو قرار اتخذته الحكومة في سبعينيات القرن الماضي ويعتبر أن أراضي البدو "أراضي ميتة" بادعاء أنه لا توجد عليها ملكية شخصية، ولذلك فإنها ملك للدولة. وصادقت المحكمة العليا الإسرائيلية على قرار "النقب الميت" في 1984.

قانون النقب الميت يتوافق مع مذكرات ديفيد بن غوريون وقد تكون نتيجة لها خاصة وأنه يقول في إحدى رسائله الموجهة لابنه عاموس يوم 5 تشرين أول 1937:

"أرض النقب محفوظة للمواطنين اليهود، متى وأينما شاؤوا ذلك. ويجب علينا طرد العرب لنحلّ مكانهم، ولو تطلّب ذلك استخدام القوة فإننا نملك قوة هي طوع إرادتنا، ليس لطرد العرب وترحيلهم فحسب، إنما لضمان حقنا في الاستيطان في هذه الأماكن". وفي الطريق المؤدّي إلى بيته ستجد نصوصًا منحوتة على الجانبين مثل: "إن اختبار الشعب الإسرائيلي سيكون في النقب".

التحرك الفعلي ضد تلك القرى بدأ منذ عام 1951 حين سنت (إسرائيل) قوانين هدفها مصادرة وسلب الأراضي وتهجير سكانها، فعلى سبيل المثال اعتمدت (إسرائيل) قانون "الحاضر الغائب" عام 1951 وقانون أراضي (إسرائيل) عام 1953 لتمنع رد الملكية إلى أصحابها الحقيقيين فحولت (إسرائيل) بموجب هذه القوانين حوالي 13 مليون دونم إلى ملكيتها في النقب.

وفي عام 2004 سنَ قانون طرد الغزاة حيث اعتبرت (إسرائيل) العرب البدو في النقب "غزاة يجب طردهم".

ويبلغ عدد القرى غير المعترف بها في النقب 45 قرية ويقطنها ما يقارب 75 ألف نسمة وحسب الإحصائيات تبلغ مساحة الأرض التي هي بحوزة هذه القرى أكثر من 180 ألف دونم وتفتقر هذه القرى إلى الحد الأدنى من البنية التحتية، والعيادات الصحية والمدراس ومياه الشرب، فيما يعاني سكانها الفقر والبطالة.

في المقابل يصمد سكانها ويتمسكون بالأرض ويرفضون الإغراءات السلطوية والأساليب التي تحاصر هذه القرى اقتصاديا وإنسانيا حتى تجبر سكانها على الرحيل إلى تجمعات التوطين القسري.

ويكافح البدو، اليوم، للاحتفاظ بملكية 240 ألف دونم من الأرض التي لا يزالون يمتلكونها.

آخر القوانين التي سنها الاحتلال بهدف طرد سكان النقب الأصليين كان مشروع "مخطط برافر-بيغن" والذي أقره الكنيست الإسرائيلي يوم 24 يونيو/حزيران 2013 بناء على توصية من وزير التخطيط الإسرائيلي إيهود برافر عام 2011 لتهجير عشرات سكان القرى الفلسطينية من النقب الفلسطيني كوجه جديد لنكبة فلسطينية جديدة أمام أعين من لم يعيشوا النكبة الأولى في 1948.

البث المباشر