تعالت الأصوات الإسرائيلية المطالبة بضم الضفة الغربية مجدداً، الأمر الذي تُرجم على أرض الواقع من خلال تكثيف الاستيطان في مدنها، وإصدار القوانين المؤيدة لذلك.
ويبدو أن حكومة الاحتلال تُنفذ مخطط ضم الضفة من خلال إعادة رسم حدود القدس الكبرى بضم تجمعات استيطانية ضخمة، والتي تقوم على ضم "جفعات زئيف" (شمال غرب القدس) و"معاليه أدوميم" (شرقًا) و"غوش عتصيون" (جنوب غرب المدينة المحتلة).
ومن أبرز التصريحات التي جاءت بهذا الشأن ما دعا إليه وزير التربية والتعليم اليميني المتطرف نفتالي بينيت، من ضم للضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، قائلاً "حان الوقت للتضحية بالنفس لضم مناطق الضفة الغربية لإسرائيل، وتحقيق الحلم بأرض إسرائيل الكاملة" وفق ما نقله موقع "i24" الإسرائيلي.
وتلوّح الحكومة (الإسرائيلية) بين الفينة والأخرى بتنفيذ قرار ضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، إلى مدينة القدس، الأمر الذي اعتبره مراقبون "مقدمة لبسط سيطرة الاحتلال على الضفة، وإخضاعها تحت سيادتها".
وكان الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قد قرر تأجيل التصويت على مشروع قانون يقضي بضم مستوطنة "معاليه أدوميم" للسيادة الإسرائيلية، للمرة الثانية، والذي كان من المقرر عرضه على اللجنة الوزارية لشؤون التشريع يوم الأحد القادم.
وتتزامن هذه الأحداث المتسارعة الرامية لضم الضفة، مع مقترح مشروع إقامة الدولة الواحدة، الذي يضم الضفة لإسرائيل، ويكفل حقوق المواطنين الفلسطينيين، وهو ما ترفضه الأخيرة كونه يشكل عبئاً اقتصادياً وسياسياً أكبر.
وحل الدولة الواحد مقترح حل للصراع العربي الإسرائيلي يقوم على إنشاء دولة واحدة تشمل إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة، بحيث يكون للسكان العرب واليهود مواطنة وحقوق متساوية في الكيان الموحد ثنائي القومية، وبينما يتبنى البعض هذا التوجه لأسباب أيدولوجية، فإن البعض الآخر يرى فيه الحل الوحيد الممكن نظرا للأمر الواقع القائم على الأرض. وهو المقابل لمحاولات تتمحور حول حل الدولتين والذي تتمحور حوله مفاوضات السلام الفلسطينية الإسرائيلية منذ إتفاقية أوسلو.
وفي ظل هذه المعطيات فإن مستقبل الضفة الغربية أمام عدة سيناريوهات محتملة، خاصة بعد الانتخابات الامريكية التي فاز بها دونالد ترامب المؤيد للاستيطان وبسط السيطرة الإسرائيلية على الضفة.
الأول هو أن تبقى الضفة رهينة في يد الاحتلال، ومستقبلها يكون بإقامة دولة واحدة تحت السيادة الإسرائيلية وبموافقة أمريكية، حيث تكون هذه الدولة ضيقة ووفق مواصفات صغيرة، تنزع من الفلسطينيين حقوقهم، وفق ما ذكر د. عمر جعارة الخبير في الشؤون الإسرائيلية.
ويعلّق جعارة على ذلك، بالقول إن هذه الدولة ستكون منقوصة في ظل رفض الولايات المتحدة لضم "معاليه أدوميم"، مشيراً إلى أن (إسرائيل) سترفضها، لأن الفلسطينيين سيشكلون 5 مليون ونصف من عددها.
فيما يستبعد المختص في الشأن الإسرائيلي علاء خضر، أن توافق (إسرائيل) على ذلك، كونها تضمن للفلسطينيين حقوق المواطنة، وستكون لصالح الفلسطينيين من حيث الديموغرافية.
وأرجع خضر خلال حديثه مع "الرسالة"، سبب رفض (إسرائيل)، لكونها تطمح بالتوسع والتطبيع مع دول العالم، ولكن هذا الخيار سيقوض من انفتاحها على العالم والمجتمع الدولي، وفق تقديره.
والسيناريو الثاني هو أن تبقى الضفة على حالها الراهن الآن، مع استمرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي، حيث يرى جعارة ذلك بأنه بمثابة السيطرة على أراضي الضفة شيئاً فشيئاً إلى أن تصبح تحت سيطرة الاحتلال.
أما السيناريو الثالث، فيتمثل في ضم الاحتلال جزءا من الضفة تحت سيطرتها وفرض سيادتها عليه وليس ضمها بشكل كامل، وفي هذا الإطار يؤكد خضر أن السلطة الفلسطينية سترفض هذا القرار كونه يهّمش دورها وجعلها ككيان مستقل دون تأثير في السياسة القائمة.