يواصل الاحتلال "الإسرائيلي" تبجحه في انتهاك القانون والشرائع الدولية على الأراضي الفلسطينية المحتلة، دون أن يجد رادعًا يبطل عجلة القوة المفرطة التي يستخدمها في صراعه مع الوجود الفلسطيني في مشهد يعبر عن تهالك قدرة المؤسسات الدولية بتطبيق قوانينها على الدول القوية.
الثلاثاء الماضي أعلنت "إسرائيل" اعتقال منسق مؤسسة الإغاثة الإنسانية "تيكا التركية" محمد مرتجى على معبر بيت حانون "إيرز"، بعد أن وجهت له تهماً واهية أبرزها نقل الأموال لحماس وتخصيص الموارد والميزانيات والمشاريع الكبرى في غزة لصالح كتائب القسام، علماً أن الاحتلال قد منح مرتجى تصريح العبور ليكشف أنها مصيدة للقبض عليه.
ولم يكن مرتجى أوائل ضحايا الاحتلال الذين وقعوا في شراك خبثه وهم من الذين يترأسون مؤسسات دولية، فسبق وأن اعتقل مدير مؤسسة الرؤية العالمية "محمد الحلبي" بتهم ملفقة مشابهة لسابقه وهي نقل الأموال لحماس.
وفندت مؤسسة الرؤية التي يترأسها الحلبي اتهامات الاحتلال بحقه آنذاك، وقالت "تلتزم بإجراءات تفصيلية وآليات للرقابة للتأكد من أن الأموال التي يعهد بها إليها يتم إنفاقها وفقاً للمتطلبات للقانونية المعمول بها"، مبينة، أن برامجها في غزة تخضع باستمرار لتدقيق داخلي وخارجي وتقييمات من قبل جهات مستقلة، بالإضافة إلى خضوعها لعديد من الضوابط الداخلية التي تهدف إلى ضمان أن الأصول تصل إلى المستفيدين المقصودين، وأنها تستخدم بطرق قانونية وحسب متطلبات الجهات المانحة.
وأضافت، المؤسسة الدولية "استناداً إلى المعلومات المتاحة لنا في هذا الوقت، ليس لدينا سبب للاعتقاد بأن هذه الادعاءات صحيحة"، مضيفةً، "سوف نراجع أي أدلة مقدمة لنا بعناية واتخاذ الإجراءات المناسبة بناءً على تلك الأدلة".
وكذبت عدد من الدول التي تدعم مؤسسة رؤيا اتهامات الاحتلال بحق الحلبي والتي كان آخرها استراليا التي فتحت تحقيقاً قالت فيه إنها لم تجد أي دليل أو إثبات يؤكد مزاعم "إسرائيل".
وأكدت حركة حماس بعد اعتقال مرتجى والحلبي أن الاحتلال يسعى على إحكام الحصار على قطاع غزة من خلال اعتقال رؤساء المؤسسات الدولية التي تمد يد العون للفقراء، وتقدم خدمات إنسانية لشرائح المجتمع كافة دون أن يكون لها أي صلة بالحركة أو بجناحها العسكري.
افتراء "إسرائيل" بالتهم الموجهة بحق الحلبي ومرتجى وغيرهم من الذين يعملون في المؤسسات الدولية يثبت أنها تهدف إلى تمرير سياستها العنصرية على قطاع غزة.
ويرى الناشط الحقوقي عماد صلاح الدين أن "إسرائيل" تسعى إلى إخماد صوت الفلسطينيين الذين يقع عليهم ظلمها في القطاع، من خلال تكبيل أيدي الحقوقيين ورؤساء الجمعيات الخيرية لدورهم البارز في نقل الصورة الحقيقية للصراع مع الاحتلال للرأي العام العالمي.
ويبين صلاح الدين لـ"الرسالة نت" أن "إسرائيل" ومنذ نشأتها تعمل على تصور تام لاستهداف كل النشاط الفلسطيني على الأراضي المحتلة وخارجها لتقويض تفاعل الفلسطينيين على المستوى الدولي الرسمي وغير الرسمي، وتحرص على وضع العراقيل أمام المؤسسات والجمعيات الخيرية بتضيق على حركة تنقل أفرادها واعتقال رؤسائها تحت ذرائع كاذبة.
ويؤكد الناشط الحقوقي أن الاحتلال دائماً ما يخلق التبريرات والتهم الملفقة للتغطية على سياسته العنصرية بحق الناشطين الحقوقيين، إلا أن هذه التبريرات باتت واضحة أمام الجميع، داعياً الفلسطينيين إلى عدم التوقف والضغط من أجل فضح الاحتلال أمام دول العالم.
وفي نفس السياق، يقول محسن أبو رمضان المحلل السياسي "إن الاعتقالات الأخيرة تأتي في إطار المضايقات على المنظمات الدولية لتشديد الحصار على قطاع غزة، لدورها البارز في تقديم الخدمات للمواطنين بقطاع غزة، ودورها المؤثر في فضح انتهاكات الاحتلال وكشف طبيعة الحصار وتداعياته الإنسانية الصعبة على الغزيين".
ويضيف أبو رمضان لـ"الرسالة نت"، "إن إسرائيل تريد من هذه الاعتقالات والمضايقات تعميق حالة الحصار على قطاع غزة، وتجميد عمل المنظمات الدولية العاملة في إطار الخدمات الإنسانية فقط، وإخماد صوتها الذي ينقل المعاناة الإنسانية للقطاع".
وطالب الجهات الفلسطينية والمؤسسات الدولية بالضغط على الاحتلال وإثارة هذه المواضيع في المرافق الدولية العالمية وأمام الرأي العالمي للحد من وتيرة هذه السياسات العنصرية بحق الشعب الفلسطيني.