حالة من الاستنفار الأمني أعلنتها وزارة الداخلية في قطاع غزة عقب اغتيال الأسير المحرر مازن فقهاء، فنشرت الحواجز وأغلقت المعابر الحدودية، لاسيما معبر "ايرز"، وذلك لعدة أيام قبل السماح بإعادة فتحه، عدا عن منع الصيادين من النزول إلى البحر، وذلك خشية هروب منفذي جريمة الاغتيال.
تلك الحالة كانت رد فعل طبيعي لما وقع، وذلك للحفاظ على الوضع الأمني، لاسيما حينما استغل المتهم الأول في جريمة الاغتيال وهو الاحتلال ذلك في ترويج الاشاعات حول القتلة وبثها لدى المواطنين مما دفع النائب العام اسماعيل جبر، لإصدار قرار بحظر النشر فيما يخص التحقيقات المتعلقة بقضية فقهاء.
كما كلف النائب العام، المكتب الاعلامي الحكومي كجهة اختصاص لمتابعة الالتزام بالقرار، ورصد أي مخالفات وإحالتها للنيابة العامة لاتخاذ المقتضى القانوني حسب الأصول، مبينا أن كل من يخالف القرار يعرض نفسه للمسئولية الجزائية والقانونية.
جملة من التساؤلات يطرحها الشارع الفلسطيني حول إمكانية تكرار حادثة الاغتيال مستقبلا، بالإضافة إلى طبيعة الاجراءات الأمنية التي ستفرضها الأجهزة الأمنية والمقاومة لمنع تكرار تلك الجريمة.
قدرة الأجهزة الأمنية
يقول إبراهيم حبيب المختص في الشأن الأمني لـ "الرسالة نت": "الاجراءات الأمنية التي اتخذتها وزارة الداخلية من تشديد على الحواجز والمنافذ الحدودية "احترازية" وتأتي في إطار منع هروب أي أدلة لها علاقة بجريمة الاغتيال وكذلك البحث عن العملاء".
ووفق متابعته، يرى حبيب أن تلك الاجراءات الأمنية المشددة سيتم التخفيف منها في مراحل لاحقه كما حدث على معبر ايرز.
وكانت وزارة الداخلية منذ وقوع الجريمة قد أغلقت حاجز بيت حانون، لكنها في وقت لاحق بدأت بالتخفيف فسمحت بداية الأمر بسفر الحالات الانسانية المرضية ومن ثم عادت وسمحت لمن له حاجة لمغادرة أو دخول القطاع.
وبمجرد وقوع جريمة الاغتيال الأولى نوعها في طريقة التنفيذ، خشي كثيرون من تكراراها في صفوف رجال المقاومة، وفي هذا السياق يعلق حبيب حول إمكانية تفادي تكرار تلك الحادثة: "الأجهزة لديها قدرات جيدة في التعامل مع الملفات (..) ما فعلته من منع الصيادين النزول إلى البحر كان لمنع أي اختراق كوننا نعيش في حرب العقول مع الاحتلال الاسرائيلي"، لافتا إلى أن كل دولة معرضة لتكرار عمليات الاختراق.
وأكد حبيب على ضرورة، أن تستخلص الأجهزة الأمنية الدروس من التجارب حتى لا يكون قطاع غزة عرضة لتكرار الحادثة، لافتا في الوقت ذاته إلى أن الحالة الأمنية مسيطر عليها ولا يجب تضخيم الأمور أكثر مما هي عليه.
مروجو الشائعات
ووصف الخبير الأمني، أن حالة الاغتيال التي وقعت تعد اهمالا أمنيا، لاسيما وأنه كان من المفترض أن يكون هناك حراسات خاصة للشهيد لمكانته في صفوف المقاومة.
وفيما يختص بكيفية امتصاص غضب المواطنين، يرى أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وفي حال لم تتخذ الأجهزة الأمنية اجراءات سيثور عليها المواطنون ايضا.
جريمة اغتيال فقهاء التي وقعت في الرابع والعشرين من مارس برصاص مجهولين جنوبي مدينة غزة، واتهمت كتائب القسام "الاحتلال الاسرائيلي" بالوقوف خلفها وتوعدتها بدفع ثمن الجريمة، كان لابد من وجود دروس مستخلصة منها.
وهنا يرى حبيب، أنه لابد من أخذ التهديدات الاسرائيلية كافة على محل الجد، وعدم الاستهانة بها من قبل رجال المقاومة وقيادات الأجهزة الأمنية، بالإضافة إلى الاهتمام بالأمن الشخصي، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية والمقاومة لابد لها من متابعة عناصرهم في الاجراءات الأمنية كون ذلك يعد مسئولية عامة.
أما عن قرار النائب العام بمنع نشر أي معلومة يتعلق بقضية فقهاء، يؤكد المختص الأمني حبيب أن ذلك يغلق الطريق على مروجي الشائعات ويضع لهم حدا.
والجدير ذكره أن وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة، أعلنت بداية الأسبوع الجاري عن إجراءات مشددة ضد عملاء الاحتلال الإسرائيلي خلال الساعات والأيام المقبلة، وقالت الداخلية في بيان صحفي لها، "الإجراءات ضد العملاء تأتي بما يحفظ أمن المجتمع الفلسطيني في غزة وإنها في سياق متابعة قضية اغتيال الشهيد مازن فقهاء".
كما أكد مسؤول قطاع الأمن في غزة اللواء توفيق أبو نعيم، أنه بعد اغتيال فقهاء وجهت تعليمات لكافة الأجهزة الأمنية في غزة بالبدء بمرحلة أمنية مبادِرة وقادرة على حفظ الأمن والاستقرار.