أثار قرار الخصومات على رواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، ردود فعل غاضبة من الموظفين، وهو ما دعاهم للاعتصام والمطالبة بإقالة حكومة الحمد الله.
الحكومة قالت إن الخصومات جاءت من باب التقشف في ظل الأوضاع المالية والديون التي تعاني منها ميزانية السلطة.
مختصون استهجنوا قرارات التقشف التي تشمل قطاع غزة دون الضفة المحتلة، مؤكدين أن السلطة تهدف بتلك القرارات زيادة الحصار الاقتصادي والمالي على القطاع.
ويذكر أن حكومة الحمدالله قررت خصم رواتب موظفي غزة بنسبة تتراوح بين (30-50)%.
حقيقة التقشف
وفي كل مرة تطالب فيها الحكومات المتعاقبة بإجراءات تقشفية، تزداد الموازنة والمصاريف التشغيلية وتتضخم الرواتب دون الوصول لإجراء اقتصادي لقضية التقشف.
وتعاني السلطة من ارتفاع كبير في رواتب موظفيها، وخصوصا ذوي الرتب العسكرية العالية وهو الأمر الذي يؤدى لتزايد عجز موازنتها سنة بعد الأخرى.
الدكتور ماهر الطباع، المختص في الشأن الاقتصادي أكد أن "قضية التقشف" لعبة لتخلي السلطة عن مسؤولياتها تجاه القطاع.
واستعرض الطباع التضخم في موازنة السلطة وبند الرواتب خلال الأعوام العشر الماضية، قائلا: "موازنة السلطة عام 2007 كانت 2.3 مليار دولار، في حين ارتفعت بداية العام الجاري إلى 4.5 مليار دولار".
وأكد الطباع أن ارتفاع الموازنة بنسبة 50% خلال عشرة أعوام، جاء رغم توقف المشاريع التطويرية الحكومية في القطاع وعدم تحميل النفقات التشغيلية للوزرات وللمؤسسات الحكومية ضمن الموازنة العامة.
وفيما يتعلق بموضوع الرواتب، ذكر أنها ارتفعت منذ عام 2007 وحتى 2017 من (1.3- 2.2 مليار دولار)، بنسبة تفوق الـ 41%.
وأوضح أن هذه الزيادة تأتي رغم توقف التوظيف والتعيينات الجديدة من القطاع وتوقف العلاوات والترقيات والدرجات لموظفي القطاع خلال تلك الفترة.
وعن سبب أزمة السلطة، قال وزير التخطيط السابق سمير عبد الله إن السلطة تلجأ للدين من القطاع الخاص بسبب العجز في الميزانية، مؤكدا أن هناك صعوبة في سداد الديون جراء الأزمات المالية التي تعانيها.
وحذّر عبد الله- مطلع على ميزانية السلطة- من تسريح الشركات الخاصة لموظفيها جراء كثرة ديونها على السلطة.
فيما أرجع مصدر مسؤول في مالية رام الله -رفض الكشف عن اسمه- سبب زيادة ديون السلطة سنويًا إلى الفساد الإداري الذي تعاني منه معظم الأجهزة التابعة لها.
وأوضح المصدر أن رواتب الموظفين تشكل العبء الأكبر على السلطة، مشيرًا إلى أنها تزداد سنويًا دون وجود هيكلية خاصة لتقليلها.
ورأى أن الحل الجذري لإنهاء الديون يكمن في إزالة تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال واعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للسلطة التي من الصعب تحقيقها على المدى القصير؛ وفق المصدر.
وفي سياق متصل، كشفت بيانات مصرفية وأرقام صادرة عن سلطة النقد الفلسطينية، عن ارتفاع حجم القروض المصرفية، التي تحصل عليها السلطة في رام الله من البنوك العاملة في السوق المحلية.
وبحسب أرقام سلطة النقد، بلغ إجمالي القروض والتسهيلات التي حصلت عليها حكومة الحمد الله، حتى نهاية فبراير/ شباط لعام 2014، نحو 1.398 مليار دولار.
وارتفع حجم القروض بقيمة 127 مليون دولار، عما كان عليه في فبراير/ شباط 2013، حين بلغ إجمالي قروض القطاع العام وقتها، نحو 1.27 مليار دولار.
وتعتمد السلطة في الحصول على إيراداتها على ثلاث مصادر رئيسية: أولها الضرائب المحلية بأنواعها المختلفة (وتشمل بالأساس ضريبة الدخل، ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الملكية)، وتشكل حوالي 30% من الإيرادات الكلية للسلطة.
في حين أن المصدر الثاني إيرادات المقاصة، وهي الضرائب على الواردات السلعية، والتي تُحوّلها (إسرائيل) شهرياً للسلطة وفقاً لبروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بينهما سنة 1994، وتشكل حصيلتها النقدية حوالي 70% من الإيرادات الكلية للسلطة.
ويبقى المصدر الأخير هو المساعدات المالية الخارجية التي تعتمد عليها السلطة اعتمادا كليا لتمويل العجز في موازنتها العامة.
وفي حالة تأخر وصول المساعدات، أو انخفاض قيمتها عن المستوى المطلوب، تلجأ السلطة إلى الاستدانة من البنوك المحلية، وتؤجل دفع ما عليها من مستحقات مالية للقطاع الخاص المحلي ولصندوق التقاعد والمعاشات الحكومي.