قائمة الموقع

مقال: متى سنتخلص من قانون العيب وأبو العريف؟

2017-04-17T05:29:23+03:00
صورة للكاتب مصطفى الصواف
مصطفى الصواف

نال إعجابي ما سجله الدكتور ذو الفقار سويرجو قبل عدة أيام على صفحته الشخصية بما معناه أن شابا ذهب للسوق واشترى بنطالا، وعندما اراد قياسه وجده طويلا خمسة سنتيمترات فأراد تقصيره، وعندما ذهب للبيت طلب من والدته قص الخمسة سنتمترات الزائدة على طوله، قالت له انتظر حتى انتهي من عملي، حمل البنطال وذهب لأخته فطلب منها ما طلب من والدته فردت بنفس الرد، فأخذ البنطال وذهب للخياط وقصر البنطال وعاد للبيت ووضعه في الدولاب، ثم خلد للنوم قليلا وبعد أن استيقظ ذهب للدولاب وهو فرح يريد ارتداء الجديد، وكانت المفاجأة أن البنطال وصل حد الركبة فغضب غضبا شديدا وعندما سأل، قالت الوالدة نعم قصرت البنطال كما قلت لي بعد أن انتهيت من عملي، وقالت الأخت نعم فعلت ما طلبت مني، كل ذلك حدث نتيجة عدم التنسيق وعدم اشراك العناصر الثلاثة الأم والأخت والشاب فيما جرى من البداية، وكل منهم لم يسأل الآخر بما فعل لأنه لم يتم وضعهم بما حصل بأن البنطال تم تقصيره عند الخياط.

الشاهد في الموضوع أننا نمر بأزمة تشابه أزمة البنطال، هناك اخلاص في العمل وتنفيذ للطلب بدليل ما فعل الشاب والام والاخت ولكن عدم التنسيق في الجهود ووضع كل الأطراف بما حدث اوجد الخطأ وحدثت المشكلة، نحن نتصرف وكأننا نعيش في جزر متناثرة بعيدة عن بعضها البعض لا يوجد بينها ناظم ينظم حركاتها وينسق عملها حتى تتضافر كل الجهود ونخرج بعمل متقن، ولكن ما يحدث ينتج عنه حالة من التخبط وشيء من الفشل وجهد ضائع ونحن بحاجة إلى كل ثانية وكل جهد لتوظيفها في خدمة مصالحنا وتحقيق أهدافنا.

لا ينقصنا القدرة على التفكير والتخطيط؛ ولكن لو كان هذا التخطيط يتم بشكل جماعي تحدد من خلاله الأهداف التي نريد وتوزع الادوار بين الجميع الأمر الذي يوفر الجهد ويحسن العمل ويوصلنا إلى النتائج المرجوة، أما أن نتصرف بهذه الطريقة العشوائية فهذا لا يوصلنا إلى تحقيق الأهداف ويجر علينا المصائب والويلات كما حدث مع الشاب والبنطال.

متى سنعمل بشكل مؤسسي متكامل بعد رسم السياسات في ظل تحديد الإمكانيات والاهداف ورسم الادوار بحيث يصب الجميع نتائج عمله وفق المخطط له والمرسوم، هذا الأمر لن يكون صعبا وامر تحقيقه ممكن؛ ولكن كما قلنا نحن بحاجة إلى عقلية ناظمة تملك القدرة العملية والعلمية للجمع والتخطيط هذه العقلية نفتقدها اليوم رغم أنها موجودة بيننا، ولكن قانون (العيب) وفكر (ابو العريف) يمنعنا من الاستعانة بالعقل الناظم وهم يعملون في حقلنا، ولكن كل واحد منا يعتقد أنه أُمة لوحده، وانه القادر على التخطيط والتنفيذ واستخلاص النتائج دون الاستعانة بأحد أو استشارة اصحاب الخبرات والتجارب في كيفية العمل الجيد حتى نصل إلى النتائج الجيدة.

متى سنحترم المؤسسة ونحترم كيفية تكوين المؤسسة بشكل علمي وليس على اساس الترضية والمحاصصة والمناطقية دون الاسلوب العلمي السليم الذي قامت به حضارات وبنيت عليه دول وتم اجتياز العقبات وحل الازمات.

نحن بحاجة إلى ترتيب المؤسسات واعادة تشكيلها على اساس من المهنية بعيدا عن السلطوية ولكن وفق تحديد الاهداف والامكانيات وترك التنفيذ لمن نختارهم بشكل علمي في تشكيل مؤسساتنا من اصحاب التخصص والخبرات القادرين على العمل وفق منهجية علمية وليس لإرضاء أحد أو خشية من أحد ورفض منهج التغول وأوامر افعل ولا تفعل فهذا لن يجعلنا نتقدم خطوة في الاتجاه الصحيح.

اخبار ذات صلة