قائد الطوفان قائد الطوفان

30 عاما في خدمة التراث

"أبو دية" يرث مهنة أجداده ويحيك الأثواب المطرزة والمشغولات اليدوية

الصحفي إسماعيل الغول خلال حواره مع صاحب المشغولات التراثية والأثواب المطرزة الفلسطينية اليدوية طلال أبو دية
الصحفي إسماعيل الغول خلال حواره مع صاحب المشغولات التراثية والأثواب المطرزة الفلسطينية اليدوية طلال أبو دية

غزة- إسماعيل الغول

يجلس الثلاثييني طلال أبو دية بين المشغولات التراثية والأثواب المطرزة الفلسطينية، داخل معرضه الذي يقابل مركز رشاد الشوا وسط مدينة غزة، فهو طيلة الوقت يستقبل زبائنه من مختلف الأعمار، فمنهم من يطرق بابه لشراء هدية، أو تجد سيدة تقلب في الشالات المطرزة علها تجد واحدا يناسبها بألوان هادئة.

أبوديه الذي ورث مهنته أبا عن جد، يحرص على أن تكون الأثواب والمشغولات الخزفية والخشبية محلية الصنع، ويدمغ عليها "صنع في فلسطين"، ليكون ذلك شاهدا على تراث وهويته بلده، كما حكى "للرسالة".

واجهة المعرض الذي يمتلك الشاب الثلاثيني، تدفع من يمر أمامها إلى الدخول ليتعرف على التراث الفلسطيني عن قرب، فهو يحرص أن يزين واجهة معرضه بالمنحوتات والزينة الفلسطينية التي ترغب الأسر الغزية في شرائها للاحتفاظ بها، كمفتاح العودة والاثواب المطرزة.

يشعر الرجل الثلاثيني، بسعادة غامرة بممارسته لهذه المهنة؛ ويقول وهو يستعرض منحوتاته الخشبية التي أتى بها من القدس المحتلة: "تراثنا الفلسطيني يبقى ناطقا بالحضارة مهما تغيرت ملامحه".

ويروي من خلال تجربته، أن التراث الفلسطيني أكبر من عمر دولة الاحتلال الاسرائيلي، والدليل على ذلك أن الأشجار التي تصنع منها معظم المشغولات التراثية تشهد على الوجود الفلسطيني.

الثوب الفلسطيني


ولا يحصر أبو دية عمله في إحياء التراث الإسلامي، إنما يتجاوز ذلك في صناعة مشغولات "تنتمي إلى الكنيسة" " وفق تعبيره، بمعنى صناعة مشغولات تحمل مدلولات الكنيسة، ورموزها، مما يزيد الاقبال عليه من قبل أبناء الطائفة المسيحية في قطاع غزة.

ويبتكر أبو دية، كل عام تصاميم جديدة لمشغولات يدوية تحاكي التراث الفلسطيني؛ بما يتناسب مع أذواق المشترين، خصوصا السيّاح، مدللا على ذلك بأن التطريز لم يعد مقتصرا على الثوب الفلسطيني، بل تطور لتطريز الشال والمحفظة، وغيره من الملابس، إلى جانب لوحات الحائط والمرايا؛ بقصد الزينة، بالإضافة إلى أن التكنولوجيا دخلت على هذه المهنة.

ويلفت إلى أن تكلفة الثوب الفلسطيني المطرّز يدويا تصل إلى 200 دولار، وتستغرق حياكته وتطريزه قرابة شهر كامل، بينما يصل سعر الثوب المطرّز صناعيا إلى 30 دولاراً وأكثر.

وعن الثوب الفلسطيني، يؤكد أبو دية أن مواصلته على صناعته من باب التمسك "بأصولنا العريقة، وهويتنا الإسلامية"، باعتبار أن الثوب يتماشى مع اللباس الإسلامي.

وبيّن أن الثوب الفلسطيني، اللباس التقليدي للمرأة الفلسطينية، وهو ليس من التراث المستحدث، إنما من ثقافة مجتمعنا، وتراثه الشعبي، على مدار تواجدنا في فلسطين التاريخية، قائلا:" كل ثوب يمثل جزءا من هذه الثقافة، للمرأة الفلسطينية سواء كانت مدنية أو فلاحية أو بدوية.

وتعكس الأزياء النسائية، وفق أبو دية، هوية مدن فلسطينية، وأن تراث فلسطين يرتبط بتنوع جغرافيتها، "فكل منطقة لها ثوبها الخاص الذي يميزها عن غيرها".

ويشير إلى زيادة الاقبال على الثوب الفلسطيني في الآونة الاخيرة بـ 10 أضعاف عن السنوات السابقة، مشيرا الى أن الثوب الفلسطيني تميز في الآونة الاخيرة بإضافة ألوان حضارية جديدة، مثل اللون الزهري، الذي ينتشر بين الفتيات، ويسمى بالثوب المستحدث، عدا عن أنه عاد من جديد ليكون قطعة رئيسة في جهاز العروس.

ويطمح أبو دية إلى تصدير التراث الفلسطيني ومشغولاته الي الخارج، "وتحديدا إلى المغتربين الفلسطينيين المشغوفين بالتراث خاصة الثوب"، لكن الحصار المفروض على قطاع غزة يقف حائلا أمامه.

قبل أن ترحل "الرسالة" عن محله، أخبرها أن مدينة غزة تمتلك مقومات السياحة، لكن عدم السماح للوفود السياحية بالإقامة فيها الا ساعات زمنية محددة، يحرمهم فرصة الاطلاع على التراث والصناعات اليدوية الفلسطينية؛ مما يشكل سببا رئيسيا في عدم تحقيق بيع أفضل للمنتوجات التراثية واليدوية.

البث المباشر