بلا شك سيكون لقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب المزمع عقده في الثالث من مايو القادم، الحاسم في تحديد مصير القضية الفلسطينية خلال الفترة المقبلة ومستقبل التسوية السياسية في الشرق الأوسط.
نجاح اللقاء الذي ينتظره أبو مازن بتلهف بحثا عن الشرعية المفقودة؛ لكسر حالة الضعف السياسي التي يعيشها، قد يشكل طوق نجاة للرئيس الثمانيني، لكن ذلك يتوقف على مدى استعداده لتقديم المزيد من التنازلات التي اعتاد عليها والتي لا يجد بُدا منها، للحفاظ على بقائه.
ويدرك عباس أن الوصول لعتبة البيت الأبيض لن يكون كسابقه بمجرد التقاء الصور وتبادل الابتسامات، بقدر ما هو محاولة من الرئيس الأمريكي الجديد لتمرير صفقة "القرن" التي يعتبرها أولى المفاتيح لحل قضايا الشرق الأوسط.
وهو ما أكدته الرسالة التي حملها رئيس وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه" مايك بومبيو والممثل الخاص لترامب، جيسون غرينبلات، عند زيارتهما للمقاطعة قبل فترة قصيرة بأن ترامب "يفكر جدياً بإيجاد حل للقضية الفلسطينية".
وليس بإمكان أبو مازن سوى القبول بالصفقة النهائية التي ستفرضها الادارة الأمريكية لإنهاء الصراع، وقد تكون بعيدة عن حل الدولتين بشكلها المعروف والمتفق عليه في أوسلو وبعدها، والذي يقوم على دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وهو الأمر الذي أصبح غير قائم حالياً.
املاءات وضغوط
ويؤكد ذلك الكاتب والمحلل السياسي تيسير محيسن، متوقعا فرض أمريكا المزيد من الاملاءات والضغط على أبو مازن؛ مشيراً لتطبيقه كل الشروط التي أرسلتها إدارة ترامب له عبر مبعوثها الخاص للشرق الأوسط.
وقال محيسن في حديثه لـ"الرسالة نت": "إن اللقاء سيجبر رئيس السلطة القبول بالعودة للمفاوضات مع (إسرائيل)، ثم عقد مؤتمر صوري في البيت الأبيض يجمع كافة الأطراف بعد رسم سيناريو يشمل حل الصراع بشكل نهائي".
وأوضح أن الظرف السياسي الذي يعيشه عباس مهيئ بشكل كبير بأن تحصل الإدارة الأمريكية على موافقة الأول، وترجمة المطالب الإسرائيلية والنقاط التسعة التي أرسلتها أمريكا للسلطة قبل عقد اللقاء.
وأشار محيسن إلى أن أبو مازن قد يوافق على جميع المطالب ليظهر بأنه رجل السلام والجدير بالثقة، في مقابل حصوله على تطمينات أمريكية بمواصلة دعم موازنة السلطة مقابل الحفاظ على أمن الاحتلال بالضفة.
حلول تخدم (إسرائيل)
ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي حسام الدجني فإن معيار نجاح أو فشل اللقاء مرهون بقبول ترامب للمبادرة العربية كأساس لحل الصراع العربي الاسرائيلي.
ويقول الدجني على صفحته الشخصية بالفيس بوك: "إن مؤشر ذلك ضعيف، لا سيما وأن ترامب سيمرر حلولاً تخدم (إسرائيل) وأمنها لأعوام قادمة، ولا يمكن أن يقدم إلا أنصاف حلول لا تلبي من الثوابت الفلسطينية سوى الفتات".
ويعتبر أن الرئيس أبو مازن ذاهب لواشنطن في أضعف حالاته وحالة الانقسام هي سكين بخاصرته، ولا يوجد أمامه سوى القبول أو التسويف والمماطلة والمناورة مع ترامب دون نتائج.
ويشير الدجني إلى أن ترامب سيُسمع عباس وبتوصية من (تل أبيب) "كلاماً معسولاً"؛ لدفعه باتجاه تمرير خطوات غير مسبوقة تكون في صالح (إسرائيل).
في نهاية المطاف يمكن القول إن اللقاء سيشكل طوق نجاة لحياة عباس السياسية واستعادة دوره في المنطقة بثوب الشرعية الأمريكية التي ستمنح له بعد قبوله بما يملى عليه.