الرسالة نت - رامي خريس
فشلت القاهرة فشلاً ذريعاً في التعامل مع الملف الفلسطيني بالحكمة المطلوبة من دولة بحجم مصر ، ولم تستطع أن تحقق أي نتائج على صعيد المصالحة بين سلطة فتح وحركة حماس ، بل ولم تستطع ثني حماس عن مواقفها التي أعلنت عنها بعد فوزها في انتخابات عام 2006، فلم تتحقق أمنيات احتواء الحركة أو حتى إقصائها.
وبقيت السياسة المصرية تراوح مكانها معتمدة على محاولات الضغط وتشديد الحصار الذي تشارك فيه، ولم يصبح غريباً أن تنشر وسائل الإعلام أن الشرطة المصرية دمرت مؤخراً ثلاثة أنفاق مخصصة لادخال البضائع والسلع الغذائية من مصر إلى قطاع غزة, أو منع وفد نقابي أردني من الدخول إلى القطاع عن طريق معبر رفح.
قاع البئر
وصدرت الخارجية المصرية إلى الواجهة شاباً صغيراً للحديث عن القضية الفلسطينية ومستقبلها وعن الانقسام وآثاره، بل وذهب المتحدث حسام زكي ليهاجم حماس وسياستها وموقفها من المصالحة وتجاوز ذلك إلى مهاجمة قادتها.
القاهرة وبحسب إجماع المراقبين وصلت سياستها الخارجية إلى قاع البئر وتراجع دورها بشكل كبير ويرجع ذلك كما يرى المراقبون إلى مراهناتها الخاسرة والى كذلك عدم إدراك المتغيرات الدولية فضلاً عن تجاهل الحراك الإقليمي.
ويبدو أن سياستها تجاه غزة وملف المصالحة ينطلق من حسابات غير سليمة، واتخاذ مواقف جامدة وغير مرنة وقد يكون للأوضاع الداخلية لديها انعكاسات واضحة على الملف الفلسطيني وهو ما يزيد من تدهور مواقفها السياسية تبعاً للحسابات الداخلية.
موضع اتهام
وأصبحت القاهرة في موضع اتهام في كثير من القضايا التي تخص الملف الفلسطيني ، وأولها تهمة الحصار ، وتهمة المشاركة في حرب الفرقان لاسيما أن تسيبي ليفني وزيرة خارجية حكومة الاحتلال السابقة أعلنت الحرب على غزة من القاهرة قبل أن يشن جيش الاحتلال حربه على غزة بيومين .
وتهمة منع المساعدات كما فعلت مع القافلة الأردنية مؤخراً ، وتهمة تعطيل المصالحة بدلاً من تحقيقها ، وتهمة منع التدخل الايجابي في المصالحة من أطراف أخرى كما فعلت مع قطر وتركيا وغيرها ، بل أن هناك من يقول أنه كان لها دور في تعطيل صفقة التبادل ، في لحظة كانت حاسمة وهو ما أدى إلى دخول الوسيط الألماني على الخط .
وإذا كانت هناك جملة من الاتهامات توجه إلى القاهرة بصدد موضوع غزة فإنها كذلك تتعرض للانتقادات بسبب ما يشار إلى أنه تقصير اتجاه غزة المحاصرة وأهلها ، فهناك موضوع الغاز المصري الذي يصدر إلى الاحتلال بأسعار زهيدة في الوقت الذي تحتاجه غزة لتشغيل محطة كهربائها بدلاً من الوقود الصناعي الذي تتحكم فيه سلطة فتح في رام الله لتنقطع الكهرباء ساعات طويلة عن طلاب الثانوية العامة الذين يقدمون هذه الأيام امتحاناتهم .
القاهرة نسبت على ما يبدو هموم العرب وآمالهم وانشغلت حتى عن قضاياها الوطنية ومنها المخاوف من انحسار منسوب نهر النيل بفعل المشاريع التي تنوي دول المنبع إنشائها وهو ما يهدد مصر بالعطش لتنشغل بمهاجمة حماس وقادتها وبالتخطيط لكسر شوكة الحركة وإقصائها عن المشهد السياسي وهو ما يبدو أنه لن يتحقق.