قائد الطوفان قائد الطوفان

بابا وماما

مقال: حاكمة ومحكوم

رشا فرحات

هل سمعت عن امرأة مسترجلة، أو رجل محكوم، طبعا في مجتمعنا الغزي كثيرا ما سمعنا عن الرجل المحكوم، لدرجة أنه أصبح هاجسا لدى كثير من الرجال قبل الزواج خوفا من أن يظهر أمام الناس بمنظر الرجل المحكوم.

والمحكوم لدينا ليس فقط من تتأمر عليه زوجته أو تتحكم بقراراته، لا، المحكوم كلمة تعني كثيرا: الرجل الذي يسير بجانب زوجته محكوم، الرجل الذي يحمل طفله ليريحها محكوم، الرجل الذي يصنع كوبا من الشاي لنفسه محكوم، الرجل الذي يستشير زوجته في أمر يخص مستقبلهما محكوم، وقس على ذلك كثيرا، أما لو كان عاشقا وهائما بزوجته، ويلاصقها ويضحك في وجهها ليل نهار، فهو يا ستار - عملاله عمل-

 

لا أبالغ إن قلت أن الأمر أصبح بالنسبة للشباب عقدة، وليعالجها يحاول بالغالب أن يداري حبه لزوجته أمام الناس، أو الاهتمام بها، ويحاول فرد عضلاته، ويرفع صوته برنة لم يستخدمها في منزلهما، ويرتعد لردات فعل الآخرين، ولو طلبت منه زوجته طلبا، يعارضها على طول الخط أمام الناس - عاجبه ولا مش عاجبه- فقط لأنه ورث عن هذا المجتمع عقدة اسمها الراجل محكوم، مع أن الحديث واضح: "خيركم خيركم لأهله!"

وفي المقابل هناك امرأة حاكمة، أجل، كل أمور المنزل بيدها، تأمر وتنهي وتقرر، وتتحكم بالطالع والنازل، وكل ما هو كبير وصغير يسير بعد رأيها، ويا ويل العيلة وسواد ليلها إن كانت هي آخر من يعلم!

وهذه بالفعل موجودة، وإذا تزوجت من رجل ضعيف وذو شخصية مؤهله للضعف أكثر ستكبر وتكبر وتستفحل وتقوى وتتجبر، أما إذا كانت صاحبة شخصية قوية عادلة، فهي رزق من الله لا يعوض.

ولكن هناك امرأة مجبرة أن تكون حاكمة ومسيطرة، لماذا؟ قلت لي لماذا؟

إن أصعب شعور في الدنيا قد يصيب امرأة هو أن تشعر أن زوجها "حيطة مايلة" و"مش مالي عينها".

والمفترض أن يكون الرجل ذا مكانة عالية لدى زوجته، تنظر إليه بفخر في كل مكان، تنام مرتاحة البال، دون قلق من يوم غد، كيف سيأتي، وكيف ستدبر أمرها، فقط لأن ذلك الرجل النائم بجانبها هو خير سند لها، وإلا لما رأيت بعض الوجوه الأنثوية وقد تحولت لرجل، صورة وصوتا وتعاملا، وأسلوبا في الحياة، قوة ظهرت عليها فجأة، وكأنها عشر رجال بامرأة واحدة، فقط لأنها لم تجد رجلا ترمي عليه حملها.

أنا أعرف نساء "حاكمات" بالفعل، لأنهن إن لم يكن كذلك فستضيع العائلة والأبناء، هن من يذهبن للعمل، وللتسوق، وهن من يراجعن دروس المدرسة، ويذهبن لزيارة أمه المريضة، ويركضن لفك شجارات أبنائهن مع الجيران، ويسددن فواتير الكهرباء والماء وهن عمود البيت والدخل الوحيد في الأسرة، أليست تلك امرأة تستحق أن تحكم ؟!!

هذا يعني أن السبب الأول والأخير لتحول المرأة إلى حاكمة تاركة وراءها كل جماليات الأنوثة ونعومتها هو رجل رمى على عاتقها كل المسؤوليات وتركها لتدبير كل أمور الحياة، بينما تفرغ هو للنوم طول النهار والسهر طول الليل، واذا حدثت مصيبة للأبناء، قالوا "الحق على الأم" لا يا عزيزي، تلك المرأة المسترجلة الحاكمة، كانت تحتاج لوجود رجل، ولم تجد !

البث المباشر