تتواصل مساعي سلطات الاحتلال الإسرائيلي لتهويد الأماكن المقدسة في مدينة القدس المحتلة، مستثمرة الضعف العربي الراهن والدعم الأمريكي الذي تضاعف عقب زيارة الرئيس دونالد ترامب للمنطقة مؤخراً، الأمر الذي دفع المختصين والمهتمين بشؤون الأقصى لدق ناقوس الخطر، مطالبين بالتحرك لحماية المقدسات الإسلامية.
وعقدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي قبل أيام جلستها الأسبوعية، للمرة الأولى في نفق أسفل حائط البراق في مدينة القدس المحتلة، وذلك احتفالا بــ "مرور 50 عامًا على احتلال المدينة".
ودعا مدير عام أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى، الشيخ عزام الخطيب التميمي، حكومة الاحتلال إلى إعادة الوضع في الحرم القدسي الشريف الى ما كان عليه حتى عام 2000، حيث لا يسمح بتدنيس اليهود، وضمنهم نشطاء (حركات الهيكل) للحرم كيفما أرادوا ووقتما أرادوا، بل يسمح لهم بزيارة حائط البراق وفق شروط وضعتها الأوقاف.
ونقلت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن التميمي قوله: "إن على الجميع أن يفهم أنهم زوار في المسجد ولا حق بالصلاة لليهود"، وأكد على أن جميع مساحة الأقصى وأكنافه المقدرة 144 دونم هي ملك للإسلام والمسلمين منذ 1500 عام.
وتعقيباً على ذلك، يقول جميل حمامة أمين سر الهيئة الإسلامية العليا في القدس للرسالة، أن الاحتلال كل يوم يقوم بتدنيس المسجد الأقصى، ويزيد يوما بعد يوم أكثر، وقد أصبح هذا واقعا نعيشه في المدينة والحكومة الإسرائيلية ترعى الاقتحامات المتكررة للأقصى من قبل المستوطنين وكل يوم يزيد عددهم".
وأيد حمامة، مطالبة عزام الخطيب بعودة الوضع في المسجد الأقصى لما كان عليه منذ عام 2000، معتبراً ذلك "صورة لرفض المسلمين لإجراءات الاحتلال رفضا قاطعا"، وتابع قوله: "إن ترسيخ الاعتداءات الإسرائيلية مرفوض، ومحاولة فرض واقع جديد أمر مرفوض إسلاميا وعربيا وفلسطينيا بشكل قاطع".
وبالإشارة لسحب الاحتلال بعض الصلاحيات من حراس المسجد الأقصى، وفرض قيود على مواعيد الدخول والخروج للمسجد، وتجاهل لجنة الأوقاف في اتخاذ قرارات لها علاقة بالمباني والترميم، علق حمامة قائلاً: "إن الاحتلال يتدخل في عمل الأوقاف في كل صغيرة وكبيرة، ويحاول سحب الصلاحيات منها، وهذا مخالف لكل الاتفاقيات التي كانت بينه وبين الأردن، ويؤكد أن لزيارة ترامب دورا كبيرا في إعطاء الاحتلال نفس كبير للتمادي، فبعضهم احتفل بزيارة ترامب واعتبرها نوع من أنواع النصر للاحتلال".
وعن دور الأردن، تحدث حمامة مؤكدا أن الإدارة الأردنية لا تزال هي المسؤولة عن الأوقاف في القدس وعلى رأسها المسجد الأقصى، وهي ما زالت تلتزم الصمت وتقدم احتجاجها عبر القنوات السياسية، وتطالب باحترامها، ولكن الاحتلال كعادته لا يحترم اتفاقيات موقعة ولا مشاعر الديانات الأخرى".
تجاهل الدور الأردني
بدوره، علق ناجح بكيرات رئيس قسم المخطوطات في المسجد الأقصى على سحب بعض الصلاحيات، بقوله: "الموضوع أكبر من مجرد صلاحيات، فوجود الاحتلال مرتبط بمحاور أولها المحور السياسي فهو يحاول تجاهل المعاهدات وآخرها اتفاقية وادي عربة عام 94 بعد أن استوعب أهمية الدور الأردني في رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، وإذا تجاهل هذا الدور فهذا يعني أنه يتجاهل الكثير من القضايا".
أما عن المحور الثاني يؤكد بكيرات أهمية المحور الإداري اليومي، ويأتي تأكيدا لأهميته بعد المحور السياسي وهو اتفاقية 1967 التي تنص على أن الأردن تدير المقدسات الإسلامية والمسيحية والتي أكدت عام 94 بينما إسرائيل تتحمل السياسية الأمنية.
وينوه بكيرات إلى خطورة ما تقوم به إسرائيل من سلب للأحقية الإدارية والسياسية للأردن في إدارة الأماكن المقدسة، ومضى يقول: "المحور الإداري برز بشكل مبالغ فيه مؤخراً من خلال التدخل في الاعمار والترميم، أو عدد الحراس، فيمن يدخل ويخرج من المسجد"، مؤكدا على أن قوات الاحتلال منعت كثيرا من مشاريع الاعمار والترميم واعتقلت الحراس والعاملين في المسجد، وحاولت كثيراً تهميش الأوقاف، بالإضافة الى سيطرتها أيضا على الجانب السياحي للأقصى، وكل ذلك تم على مراحل حتى يتعود العالم هذا المشهد.
وفي نقطة ثالثة، تحدث بكيرات عن أهمية النظر الى تركيز إسرائيل الدائم على نقطة المركز، وهي البلدة القديمة والمسجد الأقصى لأنها تريد أن تتعدى على صلاحيات المنظمات العاملة، وقال: "هي الان تحاول تهميش دور الأردن والانفراد بأي قرار تتخذه يخص الأقصى المبارك دون رقيب ولا حسيب، فهي لا تريد اتفاقيات وتريد تمرير مخططاتها تدريجيا حتى يتعود العالم على سيطرتها المطلقة من خلال انفرادها بقراراتها في الأقصى".