ثلاثون شخصًا، جمعهم حب الأقصى حول مائدة الإفطار الشهية في ساحة قبة الصخرة المشرفة الجمعة الماضية من شهر رمضان المبارك، فجلس جميعهم ينتظرون سكب "الدوالي" لتناوله عقب انتهائهم من صلاة المغرب.
تلك المائدة جمعت ثلة من المرابطات وأبنائهن، فإحداهن انشغلت بسكب الطعام، وأخرى بتوزيع الماء والعصير، بينما كان أطفالهن يحطن بهن بانتظار اكتمال المائدة للبدء بتناول الطعام.
فمع رفع أذان المغرب، تكون موائد الإفطار قد تجهزت في ساحات المسجد الأقصى، بجهود جبارة من لجان النظام والمتطوعين ذكوراً وإناثاً، لتهيئة الأجواء لرواد الأقصى والمعتكفين.
وعلى مائدة أخرى، افترشت مجموعة من الفتيات من الضفة الغربية الأرض، واجتمعوا حول مائدة الإفطار الرمضانية، ونسمات الهواء الباردة تلاطفهن، وكأن هواء القدس يخبرهن بشوقه لأهله المحرومين من زيارته.
وبعد انتهاء الفتيات من تناول الإفطار، عبّرت إحداهن عن الفرحة التي تغمرها لوجودها في تلك اللحظة داخل الأقصى، وتقول:"منذ سنوات طويلة وأنا أحلم بهذه اللحظة، وهذه السنة، قررت أن أبقى حتى صلاة التراويح، لأكسب الإفطار هنا، والصلاة".
وتتابع العشرينية آلاء في حديثها لـ"الرسالة":"أتينا للأقصى صباح الجمعة، حيث يسمح للنساء الدخول من كل الأعمار دون تصاريح، فرحتنا لا توصف ونحن نجلس على هذه الأرض المباركة، ونتناول طعام الإفطار وسط الآلاف من عشاق الأقصى".
وأمام القبة الذهبية، كانت أواني الطعام والروائح الشهية تفوح من كل مكان، إحداهن انشغلت بسكب "المقلوبة" على وعاء كبير التف حوله قرابة عشرة أشخاص، وأخرى كانت تسكب العصير البارد وتوزعه على الجالسين.
ووسط تلك الأجواء، كان فرسان الأقصى من لجان النظام ذكوراً وإناثاً، منشغلين بتوزيع الماء والتمر والوجبات لرواد الأقصى من خارج القدس، ولمن لم يحضر معه طعام الإفطار، ففي الأقصى، لا يبقى جائع، على الرغم من المضايقات التي تفرضها قوات الاحتلال على مداخله، وتعرقل وصول الوجبات للمصلين، خلال وقت الإفطار والسحور.
وبالقرب من المصلى المرواني، جلست عائلة مع أطفالها، والفرحة تملأ مائدتهم الصغيرة، فوجبة مكونة من بعض المعلبات "وكعك القدس" وأقراص الفلافل من مطاعم القدس القديمة، أشهى من مائدة مليئة بأصناف الطعام داخل منزلهم، ولسان حالهم يقول "رؤية الأقصى والجلوس بأكنافه يكفينا".
وتحت الأشجار المقابلة للمسجد القبلي، جلست مجموعة كبيرة من الشبان من الضفة المحتلة، الذي تمكنوا من تخطي حواجز الاحتلال ووصلوا للأقصى، واعتكفوا بداخله لعدة أيام.
وبعد أن أنهى الشبان إفطارهم، بدؤوا بترديد التوشيحات والابتهالات الدينية بأصوات شجية، بينما التف حولهم عشرات المصلين، يستمتعون بتلك الأجواء الروحانية.
وما أن تنتهي العائلات والمصلون من تناول الإفطار، ينتشر الناس في باحات الأقصى، بعضهم ليجدد وضوءه استعداداً لصلاة التراويح، وآخرون يفترشون تراب الأقصى ليريحوا أجسادهم، فيما ينشغل الكثيرون بالتقاط صور تذكارية لهم في كل زوايا الحرم القدسي الشريف، ولا ينسون تصوير العبارات التذكارية لأحبتهم داخل وخارج فلسطين أمام قبة الصخرة، والمسجد القبلي، وزوايا الحرم.
كما يستغل أهالي الضفة المحتلة، وصولهم للقدس لشراء الهدايا لأطفالهم، والحلويات المقدسية، والكعك ذو الرائحة المقدسية، ويحرصون على التجول في أسواق البلدة القديمة، لشراء هدايا تذكارية لأحبتهم، في حين يستقبلهم أهالي القدس وأصحاب المحال التجارية بعبارات الترحيب والسعادة لرؤيتهم خلال شهر رمضان المبارك.