قائمة الموقع

خطاب عباس وحماس.. ثبات المواقف وتنافس على قيادة المشهد

2017-07-24T10:16:54+03:00
صورة ارشيفية
​غزة-أحمد الكومي

شهدت الأيام الثلاثة الماضية مفاوضات ورسائل متبادلة بين رئيس السلطة محمود عباس وحركة حماس في قطاع غزة، عبر الإعلام، انطلاقا من أحداث القدس والمسجد الأقصى.

كانت المبادرة من حماس عبر خطاب لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، يوم الخميس الماضي، دعا فيه إلى "التوافق الوطني" من أجل قضية القدس.

ثمّ كان التأكيد على الخطاب، في خطبة يوم الجمعة بالمسجد العمري في غزة، بقول هنية "إن الالتفاف حول محاور الصراع "القدس" يمكن أن يحقق المصالحة بين شعبنا".

وفي مساء اليوم نفسه، التقط أبو مازن رسائل حماس، وحاول الردّ في خطاب له، من خلال ربط انتهازي وغير منطقي، حين طالب حماس "بالاستجابة لنداء الأقصى بحلّ اللجنة الإدارية" !

ويظهر أن الرئيس عباس حاول عبر خطابه، التناغم مع الحالة الشعبية الغاضبة من الإجراءات الإسرائيلية في القدس والأقصى، بإعلانه "تجميد الاتصالات مع الاحتلال على كل المستويات"، دون إيضاح إن كان يقصد التنسيق الأمني أم اتصالات سياسية غير معلنة.

مع أهمية العلم أن التنسيق الأمني خارج إرادة أبو مازن وسيطرته، باعتبار أنه يتعلق بأمر وظيفي للسلطة الفلسطينية بموجب التزامات سياسية وأمنية فرضها اتفاق أوسلو.

وبعد صمت امتد 24 ساعة على الخطاب، أصدرت حماس بيانا كان في مجمله ردّا واضحاً على عباس، أعلنت فيه أن يدها ممدودة لتوحيد الموقف وإنهاء الانقسام؛ دفاعا عن الأقصى.

خطاب الرئاسة وردّ حماس كان أشبه بحالة تقاذف للكرة من ملعب الطرفين، يعطي الإشارات التالية:

- استمرار انعدام الثقة بين الطرفين على نحو يجعل من الصعوبة بمكان عودة التقاء المواقف، بدليل عدم وجود إجراءات عملية تظهر حُسن النوايا، وتحديدا من طرف أبو مازن، بالتراجع عن خطواته العقابية ضد قطاع غزة، والأسرى والمحررين، ونواب المجلس التشريعي.

- عدم وجود تغيير جوهري في مواقف الطرفين، فأبو مازن لم يحاول استثمار هذه الفرصة الوطنية، والتراجع عن شروطه بشأن عودة العلاقة مع حماس؛ بينما تتمسك الحركة بإنهاء الانقسام "على الأسس المتفق عليها".

- تنحو حماس باتجاه المنحى الوطني، من خلال تحشيد الفصائل والقوى الوطنية والإسلامية خلف استراتيجية وطنية للدفاع عن الأقصى، وهي إشارة على سعي الحركة للتنافس على قيادة المشهد الفلسطيني، مستغلّة حالة الفراغ التي تركها أبو مازن، وحجم الإحباط الشعبي من سلوكه السياسي.

- الرسائل المتبادلة موجهة للشارع الفلسطيني، الذي يعيش حالة حراك وطني فرضها تغوّل إسرائيلي خطير ضد المسجد الأقصى لا يمكن القبول به ولا الصمت عليه، ويستهدف هذا الأمر كشف نوايا الأطراف، والمسافة الفاصلة بين المواقف فيما يتعلق بالوحدة الوطنية، وإنهاء الانقسام.

كل ذلك يضعنا أمام مجموعة محاذير لدى الرئيس عباس بشأن مسار الأحداث في القدس والشارع الفلسطيني:

- أن تخرج الأمور عن سيطرة السلطة في الضفة المحتلة، بشكل قد يهدد وجودها، ويسمح لخصومها باستثمار الوضع الجديد في تصعيد الفعل الشعبي والعسكري، وزيادة حالة الاشتباك مع الاحتلال، بشكل قد يضطر الأخير إلى إعادة احتلال الضفة، وبالتالي نهاية حُلم الوصول إلى الدولة.

- أن يؤدي الموقف الإسرائيلي من الأحداث إلى تقويض دور السلطة في المشهد السياسي، بمعنى تجميد أي حراك في موضوع التسوية، خاصة مع انتعاش آمالها مع قدوم الإدارة الأمريكية الجديدة، واستئناف الزيارات ذات الشأن.

- أن تنتهي السلطة خارج إطار التفاوض في ملف القدس، وأن تتفاوض (إسرائيل) ثنائيا مع الأردن، باعتبارها صاحبة الوصاية على المقدسات، ضمن الخطوات الإسرائيلية العقابية لدعم أبو مازن الهبة الشعبية، وإعلانه تخصيص 25 مليون دولار لدعم صمود أهل القدس، في الوقت الذي يُطلب منه وقف مخصصات الأسرى والشهداء.

أما بشأن حماس، فإن أكثر ما يقلقها، وتحرص على تجنّبه، فيما يتعلق بأحداث القدس، يتلخّص في التالي:

- الالتفاف على الحراك الشعبي عبر مشاريع سياسية إقليمية أو دولية، وإجراءات يمكن أن تخدم تمرير مخططات الاحتلال في القدس.

- أن ينجح الرئيس عباس في صعود الموجة، وقيادة المشهد لصالح مشروعه السياسي دون تغيير حقيقي، وإجهاض القمع الميداني.

- توريط غزة بمواجهة عسكرية ضمن محاولة الاحتلال "تعويم الأحداث" بفتح جبهات جديدة، وخلق مشاكل جانبية تطغى على مشهد الحراك المقدسي، الذي له الأولوية في الوقت الحاضر. وهو توقيت خطير بالنسبة لحماس يرفع من مستويات الحذر لديها؛ من إمكانية انزلاق الأحداث نحو غزة، كما جرى في أعوام سابقة.

اخبار ذات صلة