يضع القرار الأمريكي الأخير والقاضي بوقف الدعم المالي للسلطة الفلسطينية، الأخيرة أمام خيارين أحلاهما مُر، وهو إما القبول وقطع مزيد من رواتب الشهداء والأسرى المحررين وكسب الرضى الأمريكي، أو الرفض وخسران الدعم المالي.
وكانت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، أقرت الخميس الماضي مسودة قانون لوقف المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة إلى السلطة الفلسطينية وقيمتها 300 مليون دولار، إلا إذا أوقفت صرف ما وصفها مشرعون بأنها "مبالغ مالية تكافئ الجرائم العنيفة" في إشارة لأعمال المقاومة المشروعة ضد الاحتلال.
وحمل مشروع القانون اسم الجندي الأمريكي تايلور فورس وهو جندي أمريكي سابق من مدينة لوبوك، بولاية تكساس قاتل في العراق وأفغانستان، وقتل نهاية عام 2016 في عملية طعن نفذها فلسطيني ضده أثناء زيارته (إسرائيل).
وصوت 17 عضوًا من كلا الحزبين (الجمهوري والديمقراطي) بالموافقة على مسودة القانون مقابل رفض أربعة أعضاء، ويجب أن يقر مجلسا النواب والشيوخ بكامل أعضائهما مشروع القانون ليتحول إلى قانون.
ويكشف القرار الأمريكي الأخير عمق العلاقة الحميمية مع الاحتلال والاستجابة الفورية لها، لا سيما وأن هذا القرار سبقه تحريض "إسرائيلي" بضرورة وقف الدعم المالي الذي تقدمه الولايات المتحدة للسلطة؛ بذريعة أنه يتحول لعوائل الشهداء والأسرى.
مال سياسي
ويبدو أن هذا القرار سيدفع السلطة لقطع المزيد من رواتب عائلات الأسرى والشهداء، خاصة أنها لا تملك أي خيارات أو بدائل أخرى، وفق ما يرى الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة.
ويؤكد أبو شمالة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن الضغوط الأمريكية على السلطة متواصلة، بعد أن عرفت الأولى نقطة ضعف السلطة وقوتها وهي "المال السياسي"، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن تلك الضغوط نجحت في الوقت السابق وأجبرت السلطة على وقف رواتب الأسرى والخصم من رواتب موظفي غزة؛ بهدف الضغط على حركة حماس.
ويوضح أن هذه الضغوطات جزء من الاشتراطات التسعة للتعاون مع السلطة، مبينا أنه لم يتبق أمام السلطة سوى تحمل هذه الإجراءات العقابية.
ولفت أبو شمالة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكي ترتهن للإرادة الإسرائيلية التي تعتبر أن صرف رواتب الشهداء والأسرى يشجع الفلسطينيين على مزيد من تنفيذ العمليات ضدها.
مزيد من التنازلات
ويعتقد الكاتب والمختص في الشأن الأمريكي والإسرائيلي د. وليد المدلل أن هذا القرار بمثابة موقف سياسي يقصد به ممارسة المزيد من الضغط على السلطة؛ لقبول ما يعرض عليها من مبادرات للتسوية والتي تطالب الفلسطينيين بالمزيد من التنازل.
وبيّن المدلل لـ"الرسالة نت" أن التضييق على عباس هدفه ممارسة نوع من الضغط لتقديم مزيد من التنازل ومحاولة ارباك الرجل واظهاره ضعيفا؛ وبالتالي تأكيد الاحكام الإسرائيلية التي تقول أن عباس لم يعد يمثل الفلسطينيين، وليس هناك من يمكن التفاوض معه.
ويتوقع أن تكون أسباب تلك الضغوطات الأمريكية هو إبقاء الباب التفاوضي مغلقا وإعفاء (إسرائيل) من تقديم أي تنازلات أو حتى الذهاب للمفاوضات.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن السلطة ستخضع كالعادة للضغوط، لا سيما وأنها تسعى دائما لكسب الرضى الأمريكي والإسرائيلي وإن كان على حساب القضية الفلسطينية.