يتقن رئيس السلطة محمود عباس فن تكسير المراكب ويذهب في خلافاته مع خصومه السياسيين بعيدا دون ترك طريق للعودة بسبب سياسة الابتزاز التي يتبناها.
ولغياب المرجعيات الوطنية والمحاسبة كسر الرئيس الثمانيني المحرمات الوطنية وتجاوز الخطوط الحمر في الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذها مؤخرا.
المنطق الفرعوني الذي يتعامل به أبو مازن دفعه للتجرؤ على سابقة خطيرة تتمثل بقطع رواتب 277 أسيرا محررا، ورغم حديث وسائل إعلامية عن إصدار أوامر رئاسية بحل قضية الأسرى إلا أن أيا من الجهات الرسمية لم تؤكد ذلك حتى اللحظة.
ويرجح مراقبون أن رئيس السلطة يستخدم ملف الأسرى للابتزاز والضغط على الاحتلال لتحريك المياه الراكدة في ملف المفاوضات، معتبرين أنه قد لا يعيد رواتب الأسرى جمعيا بل سيُخضع الملف للمساومات.
لم يتجاوز رئيس السلطة المحرمات الوطنية بقضية الأسرى فحسب بل مس بأحد الثوابت فيما يتعلق بمخصصات أهالي الشهداء ويرفض حتى اللحظة صرف مستحقات أهالي شهداء الحرب الأخيرة على القطاع أسوة بغيرهم.
وفي ذات السياق استخدمت قضية فصائل منظمة التحرير هي الأخرى من قبل السلطة للابتزاز حيث أقدم الرئيس على قطع مخصصاتها لأكثر من مرة بينما بقي هذا الاجراء محظورا في عهد الراحل ياسر عرفات، فلم يلجأ لقطع مخصصات أي من الفصائل مهما بلغ الخلاف بينهم.
ومؤخرا وضمن سياسة أبو مازن في صعود الشجرة والذهاب بخلافته حد العداء عبرت قيادات في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، عن استيائها وغضبها لقيام الرئيس عباس بالإساءة إلى ممثل الجبهة الشعبية في اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عمر شحادة، في اجتماع القيادة الطارئ عندما نعته "بالسافل".
كما تطاول أيضا خلال الاجتماع اللجنة التنفيذية للمنظمة، على نائب التشريعي والقيادية في الشعبية خالدة جرار، التي طالبته بتنفيذ قرارات المجلس المركزي وعلى رأسها وقف التنسيق الأمني، حيث قاطعها قائلاً: "التنسيق الأمني جكر فيكي ما بدنا نوقفه".
سياسة رئيس السلطة في التفرد باتخاذ القرارات الفلسطينية ومواصلة التعاون مع الاحتلال ومخالفة الإجماع الوطني، تعني أنه يتجاوز بذلك حدود النقد، كما أن القرارات التي تتخذها رئاسة السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية تعمق الانقسام وتزيد من معاناة الشعب الفلسطيني.
تلك المعاناة ساهم عباس في تعميقها وتكريسها في غزة حين كان قطبا أساسيا في تشديد الحصار على القطاع ولم يكف عن مساومة الغزيين على الكهرباء والدواء ولقمة العيش.
أبو مازن هدد علنا بوقف الأموال عن قطاع غزة، تدريجيا، وقال في مؤتمر "فعاليات القدس"، مساء السبت الماضي: "ندفع نصف الميزانية (مليار ونصف دولار) سنويًا لغزة منذ 10 سنوات وعندما شكلت حركة حماس الحكومة في غزة، قلت سأوقف هذه المبالغ تدريجيًا".
وذكر أنه رفض تدخل جهات دولية، في مقدمتها واشنطن، لوقف هذه الإجراءات، مضيفا: "قلنا لهم ما شأنكم، وطلبنا من واشنطن ان تدفع ثمن الكهرباء إن ارادت التدخل".
وأقرّ أبو مازن بمسؤولية السلطة عن قطع الكهرباء عن غزة، بقوله: "إذا ألغت حماس الحكومة، فسنلغي قطع الكهرباء عن القطاع".
بدوره أكد رباح مهنا، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، أن كافة الخطوات التي يهدد الرئيس عباس باتخاذها ضد قطاع غزة وسكانه، تساهم في تكريس الانقسام وتعميق الازمة.
وقال مهنا، في تصريح خاص لـ "الرسالة":" خطوات عباس ضد قطاع غزة لا تمس حركة "حماس" وحدها وتهديده المتكرر ضد غزة سيعمق الأزمة ويكرس الانقسام بشكل أخطر".