قائد الطوفان قائد الطوفان

في العيد.. رسائل اخترقت جدران الزنازين وأخرى لم تصل!

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

غزة-ياسمين عنبر

الأسير وأهله وحدهم من يحفظون عدد الأعياد التي قضاها غائبًا خلف القضبان، ف (48 عيدًا) تمر على الأسير وهو في زنازين القهر لا تعني أنه حرم بهجة العيد وطقوسه فحسب، بل تعني أن ظلم السجان مورس عليه بأضعاف مضاعفة، لأنه لم يكتف بتغييب ذويه عن ناظريه، بل ينتهز المناسبات خاصة الأعياد ليذيق الأسير مرارة فوق البعد والحرمان.

ما إن هل صباح العيد حتى انهالت رسائل زوجات الأسرى وأمهاتهم وذويهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كل يعبر بطريقته عن وطأة الغياب التي يشعر بها في الأعياد، فيما نشر بعض الأسرى رسائل تهنئة كتبت على عين السجان، واستطاعت اختراق الزنزانة والوصول إلى الأهل لتكون لهم بلسمًا صباح عيدهم رغم فرحتهم المنقوصة.

رسائل لم تصل!

"قالوا اجى العيد قلت العيد لاصحابه، شو بينفع العيد للي مفارق احبابو...عيدي يوم لقياك"، بهذه الكلمات استفتحت بيان جبارين زوجة الأسير الصحفي "منتصر نصار" صباح العيد وكتبت على صفحتها على الفيس بوك، فهذا العيد الثالث الذي لم يعش معها طقوسه.

ولم يختلف الأمر عند شوق حرارة (17 عامًا) التي تكتب دومًا رسائل لأبيها، وهي تعلم أنها لن تصل له، مدركة أن عيدها الحقيقي يوم تحرير والدها والأسرى.

فكتبت شوق: "إجى العيد ومر على بيتك يا بابا وحكى كيف راح أدخل عليهم وكل مرة أقول لهم آخر عيد بدون والدكم كيف راح أدخل عليهم وأشوف أطفال على باب بيتك بينتظروا فيك وبيحكوا عيدنا عيد نشوف بابا، كيف حيسمعوا تكبيرات العيد وأغاني أكيد راح تكون غصة بقلبهم ودموعهم بعيونهم!!"

وتكمل شوق: "صحيح بدخل على بيتك يا أسير وبشوف أطفالك أول ما يفيقوا من النوم بشوف بنتك الصغيرة بتلعب بالجوال بس حد يحكيلها تتركه تحكي لا بدي أكلم بابا وأسئلة أطفالك الكثيرة عنك وقبلة على صورتك كل يوم لحتى يحكيلك عيد سعيد".

ووسط حشد الرسائل التي كتبها أهالي الأسرى ولم تصل لأحبابهم، فإن هناك رسائل اخترقت الجدران، كتبها الأسرى بدموع عيونهم لا بالحبر، وعين السجان ترمقهم بغضب.

فغفران زامل خطيبة الأسير القائد حسن سلامة، وهي التي تجرعت أيضًا من كأس الأسر نفسه وتحررت في صفقة وفاء الأحرار، نقلت رسالة وصلتها من "سلامة" من داخل زنزانته، قال فيها: "جاء العيد الذي لا أعرف كم هو رقمه ولكنه يحمل رقمًا على الأكيد كما هي أرقامنا نحن الأسرى، فيها نعرف رقم الأسير ورقم آخر يحمل عدد سنوات الأسر لكل منا، وأنا الآن تجاوز رقمي الواحد والعشرون وهذا العيد (....) ضعوا الرقم الذي تريدونه لأنه سيأتي آخر، وفي كل عيد نعيش أحلام أنه العيد الأخير لنا في الأسر".

#عيد_أسير

ولم ينس المحرر "ثامر سباعنة" من خلفهم وراءه يتجرعون قهر السجن والسجان، فما أن اقترب العيد حتى راح يحدث الناس عن عيد الأسرى داخل السجون، مستحضراً طقوس الأسرى صبح العيد ليعيشوا ولو جزءًا قليلًا من أجوائه رغم الحرمان الذي يقاسونه، دون أن يخلو الأمر من تنغيصات يمارسها السجان كي يطمس أي فرحة تدخل إليهم، ليبقى الوجع رفيق أسرهم.

تحدثت "الرسالة" مع المحرر ثامر سباعنة والذي عانق أكف الصبح قبل أشهر قلائل، حيث يقول: "الأعياد التي طوتها السجون مغلفة بالحزن والتحدي معا وسط طقوس خاصة، يصر الأسرى من خلالها على إغاظة السجان ولسان حالهم يتساءل: أيأتي العيد القادم ونحن بين أبنائنا؟".

تكون العيون شاخصة في الزنزانة ليلة العيد على محطات التلفزة المتاحة، وما أن يتم الإعلان عن العيد حتى يسارع الأسرى لإدخال السعادة إلى قلوب بعضهم البعض رغم كل ما يحملونه من ألم وغصة بالقلب، كلٌ حسب قدرته، فأحدهم يجهز الحلويات البسيطة، وآخر يسارع لعمل الزينة بما توفر من أوراق جرائد أو مجلات، وذاك يعمل على تجهيز الخيمة أو الغرفة، وآخر يرسم الرسومات الجميلة أو يخط كروت التهنئة لباقي الأسرى، كما يحكي سباعنة.

 في حلقة كبيرة يصطف الأسرى صباح العيد بعد أداء الصلاة ويبدؤون بالسلام وتبادل التهاني على بعضهم البعض، ويوزعون الحلوى والتمر.

كما يحرص الأسرى خلال العيد على الإكثار من الأنشطة الجماعية، لأن خلود الأسير لسكنات نفسه وحيدًا يعني دخوله في حالة من الاكتئاب عبر تذكر الأهل والأحبة في الخارج، ولكن الأنشطة الجماعية تخفف عن الجميع وتخلق جوًا خاصًا للعيد في السجون، بحسب سباعنة.

البث المباشر