كالمعتاد، أكدت صحيفة "إسرائيلية" أمس الأحد، عن تراجع دول عربية بالإضافة إلى السلطة الفلسطينية"، عن طرح مشروع قرار في اللجنة الإدارية لمنظمة التعليم والثقافة العلوم التابعة للأمم المتحدة(اليونسكو)، يدين إسرائيل.
وفي الكواليس كشفت صحيفة هآرتس العبرية، أن مشروع القرار ينص في الأساس على إدانة "إسرائيل" على سياستها في الضفة والقدس المحتلتين وقطاع غزة الذي يشهد حصاراً ظالماً منذ ما يزيد عن ال 10 أعوام.
وقالت الصحيفة إن التراجع العربي، جاء بعد تدخل أمريكي ودول غربية، إضافة إلى تدخل المبعوث الأمريكي الخاص بالشرق الأوسط جيسون غرينبلت، وجرى الاتفاق في نهاية المطاف على سحب مشروع القرار ومشروع آخر، وتأجيل طرح هذه المشاريع لنصف عام قادم.
ونقلت هآرتس، إن سحب المشروع الذي كان سيدين "إسرائيل"، جاء في أعقاب اتصالات دبلوماسية رفيعة، جرت الأسبوع الماضي، بين رئيس اللجنة الإدارية لليونسكو مايكل ووربس، والسفير "الإسرائيلي" في هذه المنظمة كرمل شاما هكوهين، والسفير الأردني في اليونسكو مكرم قيسي، بمشاركة دول غربية على رأسها الولايات المتحدة.
حالة الهزل السياسي التي تعيشها السلطة الفلسطينية بقيادة رئيسها محمود عباس، الذي بات متساوقاً مع انتهاكات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية، جعلت "إسرائيل" تتغول في هذه الانتهاكات التي ألحقت الضرر بهرم القضية الفلسطينية، ابتداءً من مصادرة الأراضي وتوسيع رقعة الاستيطان، ومروراً بإغلاق المسجد الأقصى وتهويده، وانتهاءً بحصار غزة الجائر.
ولم يكن غريباً مشاركة السلطة في سحب قرار "اليونسكو" الأخير، إذ سبق لها سحب قرارات أكثر تأثيراً على القضية الفلسطينية، ومن شأنها أن تلحق خسائر في الخاصرة الدولية للاحتلال "الإسرائيلي"، وقد يجبرها على إيقاف الانتهاكات المتواصلة.
وبالعودة إلى أرشيف القرارات التي أنقذت السلطة بها "إسرائيل" من الإدانة والمحاسبة الدولية، تصدر سحب السلطة الفلسطينية إصدار قرار جولدستون الذي أتى في أعقاب الحرب "الإسرائيلية" على قطاع غزة عام 2008م، والذي يتبني تقرير حول الجرائم التي قامت "إسرائيل" خلال هذه الحرب القاسية، وكان سحب القرار بمثابة إنقاذ للحياة السياسية لعدد من القيادات الإسرائيلية التي قادت الحرب حينها وأزلت الملاحقة الدولية عنهم.
وسبق قرار السحب هذا إفشال مندوب منظمة التحرير الفلسطينية وسفيرها في مجلس الأمن رياض منصور؛ مشروع قرار عربي إسلامي تقدمت به دولتا قطر وإندونيسيا إلى مجلس الأمن الدولي لرفع الحصار عن قطاع غزة، وتحسين الأوضاع المعيشية للسكان الفلسطينيين مطلع شهر (آب أغسطس 2007م).
ومن مسلسل سحب القرارات، كان لجبريل الرجوب رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم نصيب من ذلك، إذ سحب قرار طلب تجميد عضوية "إسرائيل" في الاتحاد الدولي "الفيفا"، وكان حينها من المقرر أن يصوّت مؤتمر اتحاد كرة القدم العالمي "الفيفا" في مدينة زوريخ السويسرية في وقت لاحق اليوم على طلب الفلسطينيين تمرير مشروع قرار يقضي بتعليق عضوية "إسرائيل" في الاتحاد؛ لكن تم سحبه من رئيس الاتحاد الفلسطيني الرجوب في لحظاته الأخيرة.
من جانبه قال جمال عمرو، المحلل سياسي، إنه بجانب سحب السلطة الفلسطينية لقرارات دولية كانت ستوقعها في إطار الملاحقة الدولية، لا تفتأ عن التساوق مع إجراءات الاحتلال وانتهاكاته المستمرة على الأراضي الفلسطينية كافة.
وأضاف عمرو "للرسالة نت" " السلطة تمتلك كثيراً من الخيارات الدولية التي من شأنها أن تلحق الضرر الكبير في العلاقات الدولية مع "إسرائيل إلا أنها لا تفعل هذه القرارات ولا تخوض أي معارك سياسية على هذه الساحة، ما خلق حالة أريحية لدى الاحتلال وأطلق لها العنان بالتغول في الاستيطان واجتزاز الأراضي، ومضاعفة انتهاكاتها الظالمة.
وعن الخروج من الأزمة، أكد عمرو أن القضية الفلسطينية بحاجة إلى الخروج من عباءة اتفاقية أوسلو التي وقعتها السلطة الفلسطينية وجعلت خياراتها السياسية محدودة، والعودة إلى حالة الإجماع الوطني في اتخاذ القرارات الحاسمة التي تتفرد سلطة رام الله بقيادة محمود عباس باتخاذها.