قدمت حركة حماس كل ما يلزم لتحقيق المصالحة الفلسطينية ولديها الاستعداد لتقديم المزيد لو كان هناك مزيد حتى تكون المصالحة حقيقة على أرض الواقع، وهذا الذي قدمته حماس ليس من منطلق ضعف وإن فهم محمود عباس وفتح ذلك؛ ولكنه أولا من منطلق قوة وجرأة واستقلالية القرار، وكذلك من منطلق الحرص على المشروع الوطني ومصالح وحقوق الشعب الفلسطيني.
وكان ما كان ووقع الاتفاق في القاهرة بعد أن حضرت الحكومة الفلسطينية واستلمت زمام الأمور بشهادة الشهود من الكل الوطني ومن الجانب المصري راعي اتفاق المصالحة، وعقد رئيس الوزراء جلسة مجلسه في غزة وأعلن عن استلام سلس للحكومة وتعاون من قبل حركة حماس ودخل الوزراء وزاراتهم والتقوا بأركان الوزارة مصطحبين بعض المستنكفين معهم دون أن يكون هناك اعتراض أو تبرم وهذا دليل نوايا صادقة وإرادة حقيقية.
انتظر الناس في ختام جلسة الحكومة ان تعلن عن وقف الاجراءات العقابية المفروضة على قطاع غزة، وكون أن هذه الحكومة لا تملك قرارا أرجأت القرارات المتعلقة بالعقوبات إلى ما بعد لقاء القاهرة علما أن قيادات كثيرة في حركة فتح وهي صاحبة القرار وليس الحكومة وعلى رأسها محمود عباس تحدثت كثيرا عن متلازمة حل اللجنة الادارية مع رفع العقوبات.
انتهى لقاء القاهرة وصدر بيان يؤكد على التوصل إلى اتفاق مصالحة يعتمد على تمكين الحكومة في العمل في قطاع غزة كالضفة الغربية ومن حسن النوايا ترك رفع العقوبات عن قطاع غزة لأبي مازن كمقدمة للتأكيد على المصالحة وإنتهاء فترة العقاب السياسي ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وإزالة كافة أثار الانقسام في الضفة الغربية من وقف للملاحقات والاعتقالات على خلفية الانتماء السياسي وعودة الحياة الطبيعية إلى الضفة وغزة ؛ ولكن خرجت علينا اصواتا ترهن عودة الامور الطبيعية إلى شماعة جديدة اسمها (التمكين الكامل) للحكومة، ولا أحد من الأسف من الموقعين على اتفاق المصالحة والشهود لديه ما يعرف به كلمة التمكين والتي قد تكون وسيلة عباس للتسويف والمماطلة التي ساهمت في رفع نسبة القلق لدى المواطن الفلسطيني حول امكانية تحقق المصالحة من عدمه وبات التشكيك سيد الموقف.
عدم رفع العقوبات يثير الشك والتخوف وهذا التسويف لا معنى له الا استهلاك الوقت من طرف السلطة الفلسطينية، بهدف عدم تطبيق المصالحة بالشكل المتفق عليه، خاصة أن الخطوات التي جرى الاتفاق عليها واضحة المعالم، ولكن عباس لم يتخذ ما يثبت انه على استعداد تام لتنفيذ اتفاق المصالحة، وهذا يستدعي أن يراجع الطرف الراعي للمصالحة محمود عباس وحركة فتح لمعرفة شكل المصالحة التي يريدونها، ولا ندري من ماذا تخاف السلطة؛ فحماس قالت لهم تفضلوا وخذوا ما تريدون، لكن الآن أصبحوا يتحدثون عن تمكين الحكومة التي بات الشماعة الجديدة لعدم رفع العقوبات بعد ان كان رفع العقوبات مرهونا بحل اللجنة الادارية فقط.
ويزيد حالة الشك والقلق أن تصريحات حركة فتح ومسئوليها المتناقضة، وتتحدث عن قضايا غير مشمولة بالاتفاق الذي وقع في القاهرة، وهذه التصريحات والمواقف تفتقد لموقف اعلامي موحد، وهذه إحدى الاشكاليات التي تشكل خطرا على اتفاق المصالحة، ولو استجابت لها حماس لربما نعود للمربع الاول من الردود المتبادلة والتي لا تخدم الاجواء الايجابية القلقة في أن هناك اتفاق مصالحة.
على حماس أن لا تصمت على هذه المماطلة والتسويف وعليها أن تدعو القوى والفصائل الفلسطينية لاتخاذ موقفا حازما وواضحا من تلكؤ السلطة في رفع العقوبات، وكذلك التوجه لراعي اتفاق المصالحة (المخابرات المصرية) كي تقوم بدورها في الضغط على محمود عباس للالتزام التام والامين بما تم الاتفاق عليه، والطلب منه بلجم الاصوات النشاز التي تهدف إلى التخريب على المصالحة التي رعتها القاهرة، ثم على حماس تحريك الشارع الفلسطيني بالتعاون مع كل القوى ليعبر عن رفضه لهذا التسويف والمماطلة في رفع العقوبات على غزة ووقف كل الاجراءات في الضفة الغربية من اعتقالات وكبت للحريات وإجراءات ناتجة عن الانقسام والذي من المفترض أن تكون مرحلته قد انتهت.