ما تتعرض له دولة قطر من هجوم إعلامي وسياسي يعود لأسباب كثيرة ولعل من الاسباب التي دفعت البعض من الهجوم على قطر واتهامها بكثير من الاتهامات هو وقوفها الى جانب قطاع غزة خلال الحصار المفروض منذ أحد عشر عاما، قدمت فيها قطر دعما لصمود القطاع عبر العديد من المشاريع التي لا تحتاج الى الحديث عنها كون هذه المشاريع ظاهرة للعيان وينتفع منها الجميع حتى من يهاجم قطر هنا في قطاع غزة.
وأكاد أن اجزم أن ما قدمته قطر لقطاع غزة وللفلسطينيين لم تقدمه الدول العربية قاطبة إلى جانب أن قطر قدمت ما قدمت دون أن يكون لها مطالب سياسية على الفلسطيني دفعها وهذا لا ينفي أن قطر تسعى الى تحقيق مصالح سياسية من خلال دعمها؛ ولكن هذه المصالح تتحقق من خلال وقوف قطر الى جانب الشعب الفلسطيني في ظل تخلي المنظومة العربية عن الشعب والقضية وهذا حق أي دولة تقدم دعما للشعب الفلسطيني ان تكون مصالحها حاضرة ولكن هذه المصالح ليست مبنية على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.
قطر على سبيل المثال وهي تقدم الدعم لقطاع غزة وكانت فيه متهمة بتقديم الدعم لحركة حماس، لم تطلب قطر من حماس على سبيل المثال بأن تقطع علاقاتها مع هذا الطرف أو ذاك ولم تشترط على حماس اتباع سياسة معينة حتى تستمر في تقديم الدعم، إضافة إلى ذلك فتحت ابوابها أمام قيادة حماس في الخارج للمكوث على أراضيها رغم معارضة بعض المحيطين بها، وفي نفس الوقت لم تطلب حماس أن يقدم الدعم من قطر إلى الحركة او إلى الحكومة التي تديرها الحركة؛ بل طلبت من قطر إدارة كافة المشاريع المنوي إقامتها في القطاع من خلال جهات تشرف عليها قطر، وأن الحكومة في غزة جاهزة لتقديم كل التسهيلات، وأقامت قطر لجنة خاصة بها وتشرف عليها مباشرة عبر العمادي المبعوث القطري للإشراف على مشاريعها في قطاع غزة.
بعد كل هذا الوضوح والشفافية من قبل قطر وحركة حماس فيما تقدمه قطر للشعب الفلسطيني هوجمت من بعض الفلسطينيين واتهمت بكثير من التهم الباطلة وكان هذا الوقوف الى جانب المحاصرين في قطاع غزة وسيلة للهجوم على قطر وحصارها من دول الجوار ومن بعض دول الاقليم وشن حرب اعلامية وسياسية ضد قطر واتهامها بدعم (الارهاب) لأنهم يرون أن دعم قطر لقطاع غزة سيعزز صموده في وجه الحصار والاحتلال وهم لا يريدون تعزيز صمود قطاع غزة ؛ بل يسعون إلى الضغط على قطاع غزة ليصل لمرحلة الركوع حتى ينفذوا مشاريع التصفية للقضية الفلسطينية والتي يعتبرون بقاءها خطرا على عروشهم ومملكاتهم.
ولعل من الاسباب الخارجة عن الموضوع الفلسطيني أن قطر اخذت على عاتقها الانفتاح على العالم سواء العربي أو الاسلامي واو الدولي وفق رؤية خطتها لنفسها بعيدا عن هيمنة دول الاقليمي التي كانت تسعى الى فرض هيمنة سياسية كاملة على دول الخليج وطيها تحت جناحها واعتبارها مقاطعة من مقاطعاتها، اول الطريق لقطر كانت قناة الجزيرة التي احدثت نقلة نوعية في الوعي العربي ما ازعج كثيرا من الدول العربية وأزعج الاستعمار الجديد، لأن نشر حالة من الوعي بين الرأي العام العربي يصعب على الاستعمار الجديد ودول الهيمنة تنفيذ سياساتها الهادفة إلى إحكام السيطرة على الأمة من خلال نشر الجهل وعدم المعرفة، بل تخطى دور الجزيرة إلى دفع هذه الدول الى العمل على تغيير سياساتها الاعلامية المختلفة لمجاراة أو محاربة الجزيرة حتى لا يتحول الجمهور إلى متابعتها وفشلت في ذلك ولجأت الى طرق الحجب والمنع وغير ذلك.
هذا لا يعني أننا لا نرى في قطر من سياسات سواء داخلية او خارجية تتوافق مع ما نرغب أو نريد، ولكن علينا أن ندرك أن ليس من حقنا التدخل لرسم السياسة الداخلية او الخارجية لأي دولة ولكن ما نطالب به أن لا تكون هذه السياسات مبنية على حقوقنا، ومن حقنا أن نعترض على أي سياسة تكون ضارة بحقوق الشعب الفلسطيني وأن تبني أي دولة سياساتها على حساب حقوق الشعب الفلسطيني سواء كان ذلك من قطر أو من غيرها من الدول سواء تلك التي تقيم علاقات مباشرة مع الصهاينة عبر اتفاقيات أضرت بالقضية الفلسطينية، أو من خلال علاقات سرية آخذة بالتكشف يوما بعد يوم.
ونقول شكرا لمن يريد تقديم الدعم غير المشروط للشعب الفلسطيني ونطالب البعض بالكف عن الإضرار بالقضية الفلسطينية من خلال الاعتراف بالاحتلال والتطبيع معه وإقامة العلاقات المختلفة لأن كل ذلك يكون على حساب الشعب الفلسطيني الأمر الذي نرفضه ولا نقبل به.