قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: الأسلحة المهملة

عماد عفانة
عماد عفانة

عماد عفانة

من يتبنى منهج المقاومة عليه أن يمتلك كافة أوراق القوة، أو على الأقل أن يجتهد في امتلاكها، وأن يضع خطة محكمة لتوظيف أوراق القوة هذه في إطار المعركة المستمرة لنيل الحقوق الثابتة.

ومن أوراق القوة الرأي العام العالمي كحاضنة أممية إضافة للحاضنات الداخلية والإقليمية، كما أن من بينها أيضا نقاط ضعف عدوك، فأي نقطة ضعف في صف العدو هي نقطة قوة تضاف لرصيد المقاومة.

وسنضع بين يدي صناع القرار والمخططين الاستراتيجيين عدد من أوراق القوة، على أمل أن يتغير الخطاب السياسي لقادتنا المقاومين منهم والمسالمين، وطريقة عملهم تجاه الساحات الأوروبية والأمريكية، وأن يعملوا على تعزيز نقاط ضعف العدو والنفاذ منها تجاه تفكيكه من الداخل.

أولا: التحول الديموغرافي:

القضية الفلسطينية ذات بعد إسلامي بامتياز إضافة لكونها ذات بعد قومي عروبي، وها هم المسلمون حول العالم يقومون بإحداث تحول ديمغرافي في قلب أوروبا، تلك القارة العجوز التي صنعت "اسرائيل".

 ففي روسيا وكما تشير الأرقام الاحصائية المذهلة فان واحد من بين خمسة مواطنين هو مواطن مسلم.

وفي بريطانيا صاحبة وعد بلفور المشؤوم ها هو عدد المسلمين فيها يتضاعف ثلاثين مرة في الربع الأخير من هذا القرن.

وفي هولندا المستقرة سيُصبِح أكثر من نصف السكان مسلمين خلال العشرين سنة القادمة.

أما في ألمانيا الأم الأوروبية الرؤوم ففيها سبعة ملايين مسلم تركي عدا المسلمين من مختلف الجنسيات.

 وهكذا تتوالى البشريات في باقي الدول الأوروبية لتخلص إلى أنه وفي أقل من خمسين عاما سيكون نصف سكان القارة الأوروبية مسلمين.

ثانيا: التحول في الرأي العام:

إذا لا عجب أن نرى في قلب لندن مظاهرة حاشدة بعشرات الالاف ضد وعد بلفور الذي قالت رئيسة وزراءها تريزا ماي أنها ستحتفل به بكل فخر، في مخالفة فجة للمزاج العام في بريطانيا بل وفي أوروبا بأسرها.

عدد المؤسسات الأوروبية الداعمة للحق الفلسطينية، وحجم المقاطعة التي تفرضها مؤسسات أوروبية منها جامعات ونقابات تعلن للجميع بأن أغلبية ساحقة من شعوب اوروبا اصبحت تؤيد الرواية والحقوق الفلسطينية.

وفوق ذلك تعلن بلا وجل عدائها لإسرائيل التي باتت رمزا للتوحش والتمييز العنصري لكيان بات أقدم احتلال في العالم.

فقد أفاد استطلاع جرى في أوروبا عام 2004م أن نسبة ٣٩٪‏ من الأوربيين باتوا يصفون اسرائيل بدولة عنصرية.

فنهضت المحافل السياسية في أوروبا لتترجم هذا المزاج العارم، فباتت أغلب البرلمانات الأوروبية تعترف بدولة فلسطين.

لدرجة أن ثاني أهم حزب في بريطانيا وهو حزب العمل بات رئيسه جيرمي كوربين من أشد المناصرين للقضية الفلسطينية، وشارك في المسيرة المنددة بمئوية وعد بلفور الأخيرة.

وانعكس هذا التحول في الرأي العام في أمريكيا أوروبا على سلوك اليهود الذين يعيشون هناك، لدرجة أنهم باتوا يخشون الإعلان عن هويتهم لدرجة خوفهم من لبس قبعة " الكيباه " خوفا من تمييزهم كيهود.

ووصل هذا التحول إلى أمريكا التي باتت كنائس امريكية ذات وزن كبير فيها توقف استثماراتها في "إسرائيل".

ما أثر على المزاج العام حتى داخل الطائفة اليهودية هناك والذين باتوا يعلنون معارضتهم وبشكل بارز للسياسات "الإسرائيلية".

ثالثا: نذر تفكك الكيان من الداخل:

المجتمع الصهيوني داخل الكيان الصهيوني، والذي هو عبارة عن كوكتيل من عرقيات وجنسيات وإثنيات مختلفة، بات تبرز داخله نعرات التفكك، ما دفع الرئيس الصهيوني ريفلين للتحذير من ذلك في كلمته امام مؤتمر هرتسليا العام الماضي قائلا:

 " إن المجتمع الإسرائيلي يمر بتحول واسع النطاق سيعيد بناء هويتنا ذاتها كـ"إسرائيليين،" وسيترك أثرًا واضحًا على كيفية فهمنا لأنفسنا ووطننا، وهو تغيّر لا مفر أو مهرب منه.. إن المجتمع الإسرائيلي الجديد ليس نبوءة مخيفة ولكن واقع يمكن رؤيته بالفعل من تشكيل رواد الصف الأول بالمدارس الإسرائيلية."

وهذا ما عبر عنه حزب ميرتس اليساري الذي شطب من برنامجه السياسي هذا العام كلمة "الصهيونية"، كدليل فج على أن الصهيونية لم تعد القاسم المشترك بين تلك القبائل المكونة للمجتمع الصهيوني.

فاذا علمنا أن الكيان العبري قام أساسا على فكرة الصهيونية، فان حزب ميرتس والمزاج العام في الكيان ينسف الفكرة الأساس التي قام عليها كيان العدو، ما ينذر بسرعة تفكك الكيان فيما لو عملت مقاومتنا بذكاء على إذكاء نار الخلاف والشقاق بينهم بطرق إبداعية.

وما يشجع ذلك الهجرة العكسية الصهيونية التي باتت في تزايد مستمر، حيث تشير الإحصاءات أن حوالي مليون ونصف صهيوني باتوا يعيشون في الخارج اغلبهم لم يعد للكيان منذ عشر سنوات، وربعهم لا يفكر بالعودة مطلقا، فيما يسعى الثلثين منهم للحصول على جنسية ثانية.

جميع هذه المعطيات الإيجابية التي تبشر بتحول الرأي العام العالمي الشعبي وشبه الرسمي ممثل بالأحزاب والاتحادات والنقابات والجامعات.

يجب أن تدفع أصحاب القرار للإيعاز لمفوضي العلاقات الدولية، بتنظيم كادر بشري لتوظيف هذا التحول، ضمن خطة تراعي التنوع والاختلاف بين شعوب الدول الأوربية، لصناعة خطاب قادر على قطف ثمار هذا التحول قرارات وإجراءات تعيد الحق لأصحابه، وتعزل الكيان الصهيوني وتحاصره وصولا إلى انهائه.

إضافة إلى أن نذر تفكك الكيان من الداخل، يجب أن تشجعنا على صياغة خطاب يساهم في إذكاء الخلاف والفرقة بين القبائل المكونة للكيان، وإبراز كل مثالب الكيان مثل تمييزه العنصري بين يهودي وآخر.

البث المباشر