هل تصبح السعودية "بابا نويل" للولايات المتحدة؟

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

الرسالة نت-شيماء مرزوق

تستقبل الرياض المصدومة بصاروخ جديد من جماعة الحوثي اخترق أجواءها، الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد يوم من اجتماع "القيادة الفلسطينية"، الذي عُقد في رام الله للرد على قرار الولايات المتحدة إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

الزيارة الثانية للرئيس الفلسطيني للسعودية خلال أقل من شهر تأتي ضمن محاولات تدارك الأزمة التي أثارها القرار الأمريكي والذي لاقى رفضا دوليا واسعا وغضبا شعبيا كبيرا، لكن اللافت أن الرفض السعودي كان باهتا للغاية.

وتدل المؤشرات التي تصدر من الرياض والزيارات المتكررة للرئيس الفلسطيني ولمبعوث الرئيس الأميركي للسلام على أن السعودية باتت تمثل "بابا نويل" بالنسبة للولايات المتحدة التي تمنح الهدايا والعطايا بلا حدود، حيث تسعى إلى لعب دور بارز في أي عملية تسوية قادمة وتمرير صفقة القرن كهدية، وذلك لإنهاء القضية الفلسطينية والتي يمكنها بعدها من التحالف مع "إسرائيل" علانية لمحاربة إيران التي باتت تعتبرها عدوها الأول، خاصة بعدما استطاعت أن تحسم الجزء الأكبر من الصراع في اليمن مؤخرا.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية قد كشفت عرضًا قدمته المملكة العربية السعودية للفلسطينيين، وتمثل بمبادرة "سلام" جديدة تتضمن اختيار ضاحية أبو ديس المجاورة لمدينة القدس المحتلة لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية بدلاً من المدينة المقدسة.

وقالت الصحيفة إن هذا العرض قدمه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للرئيس الفلسطيني خلال زيارته السابقة، حيث تضمن المقترح السعودي أن تقوم دولة فلسطينية بسيادة محدودة بلا حق عودة للاجئين الفلسطينيين وبدون ترابط بين أراضيها وإبقاء غالبية المستوطنات على ألا تشمل التسوية مدينة القدس.

واستندت الصحيفة الأمريكية في تقريرها لمصادر فلسطينية وعربية مقربة من "عباس" و"ابن سلمان"، مشيرة إلى أن "عباس حصل على مهلة شهرين للقبول بالصفقة وإلا سيكون مجبرا على ​الاستقالة".

ومن الواضح أن السعودية ستستمر في ممارسة ضغوطها على السلطة الفلسطينية للقبول بخطة ترمب التي يقال إنها الفرصة الأخيرة للتسوية.

تلك التقارير التي تتحدث عن دور سعودي وضغط قوي تمارسه على الجانب الفلسطيني للقبول بخطة ترمب، يبدو أنها دعمت بشكل كبير خطوة الأخير في القدس والتي جرى إبلاغ قادة دول عربية بشأنها مثل السعودية ومصر والأردن.

الدور السعودي المتزايد في القضية الفلسطينية قد يجعلها تصطدم بدول عربية كانت على مدار تاريخ القضية الفلسطينية ذات دور مفصلي، ولا يمكن تجاهلها كونها على تماس مباشر بالقضية وتحديدا مصر والأردن، خاصة أن الأخير لها حق الوصاية على المقدسات في القدس وتجاهلها أو تمرير أي صفقة دون موافقها قد يؤدي إلى تصادم بين مواقف الدولتين أو يدفعها لعرقلة مساعي السعودية.

وقد أقدمت السعودية على سابقة تاريخية في الاعتراض على "الوصاية الهاشمية" على القدس، فقد شهدت كواليس اجتماع الاتحاد البرلماني العربي الذي عقد في المغرب "خلافات" لم يسبق لها أن تصدرت بصورة علنية بين المشاركين الأردنيين ونظرائهم من السعودية، حيث اعترض الوفد السعودي وبشدة على رغبة الوفد الأردني في التحدث عن تأكيد الوصاية الهاشمية الأردنية على القدس.

تلك الحادثة ربما تعطي مؤشرًا واضحًا على أن السعودية تسعى لتمرير صفقة تسوية تنهي من خلالها الصراع متجاهلة مصالح الدول العربية الأخرى، وهو أمر من الصعب تحقيقه نظرا للدور الأردني والمصري التاريخيين في القضية الفلسطينية.

وقد تزايد النفوذ السعودي في المنطقة بعد الربيع العربي وسقوط وإضعاف دول محورية في المنطقة مثل سوريا ومصر، والتي تاريخيا كانت هي من تقود المشاريع الكبرى في المنطقة، فهل تستطيع السعودية تجاهل مصالح الدول العربية وتمرير الصفقة؟

 

 

 

 

البث المباشر