انسحاب "إسرائيل" من (اليونسكو) هزيمة قانونية وأخلاقية للاحتلال

اليونسكو
اليونسكو

الرسالة نت- محمد بلّور

"لقد جاوز الظالمون المدى"، ليس ذلك فحسب بل أضحى الاحتلال المدعوم أمريكيا في صلف يقفز فوق إرادة المجتمع الدولي بقانونيه الإنساني والدولي ومؤسساته العامة، حيث أعلنت (إسرائيل) نيتها الانسحاب من منظمة (اليونسكو) بعد أن سبقتها الولايات المتحدة الأمريكية متذرعة حسب (نتنياهو) رئيس وزراء الاحتلال بأن ذلك "اليونيسكو أصبحت مسرحا للعبثية، وبدلا من أن تحافظ على التاريخ وتصونه، تقوم بتشوهه"، على حد زعمه. 

انسحاب جديد

لا سحب داكنة بعد اليوم ولا ضبابية تغشّنا في تحديد هوية الموقف الإسرائيلي والأمريكي مما يجري من حولنا، فمنطق القوّة وإدارة الظهر للعالم والحقوق كافّة هو الحال الإسرائيلي والأمريكي. ويرى محمود العجرمي المحلل السياسي أن (إسرائيل) تكرر مواجهة المجتمع الدولي بانسحابها من مؤسساته، وقد بدأت تلمح للانسحاب من (اليونسكو) منذ أعلنت الأخيرة الحرم الإبراهيمي في الخليل معلماً إسلامياً خالصا واعتبرت المقدسات في القدس لا أثر لليهود فيها.

(نتنياهو) أوعز إلى مندوب (إسرائيل) لدى المنظمة، (كرمل شاما هكوهين)، بأن يقدم إخطارا رسميا لمديرية (اليونيسكو)، بقرار الانسحاب من المنظمة، وسوف يقدم الإخطار بعد عيد الميلاد ويدخل حيز التنفيذ نهاية ( 2018).

ويأتي القرار الإسرائيلي بعد شهرين من قرار مشابه للولايات المتحدة الأميركية، عندما أعلنت الانسحاب من (اليونيسكو) على إثر رفض المنظمة الدولية التدخلات الأميركية وضغوطاتها لصالح تمكين الموقف الإسرائيلي في قرارات المنظمة.

ويضيف المحلل العجرمي: "قرار إسرائيل يضعها في عزلة عن المجتمع الدولي وهو قرار بالنسبة للفلسطينيين مهم إذا أحسنا إدارته على المستوى الداخلي والسياسة الفلسطينية لكن للأسف من يطالبون بملاحقة إسرائيل يفتحون الآن ومنهم عريقات ومجدلاني قناة تفاوض مع الاحتلال في موسكو"، وفق قوله.

وفي ذات الفلك لا يمكن التقليل مما جرى قبل أيام عندما صوتت معظم دول العالم ضد قرار الرئيس الأمريكي (ترامب) بشأن القدس عاصمة للاحتلال حتى أن الدول العشر الأكثر تمويلا من أمريكا صوت ضد أمريكا ووحدها جنوب السودان امتنعت عن التصويت.

ويؤكد المحلل العجرمي أن سقف الإدانة لـ(إسرائيل) بعد إعلان (ترامب) القدس عاصمة لها جاء من اجتماع جامعة الدول العربية وقمة المؤتمر الإسلامي وحتى خطاب عباس رئيس السلطة الفلسطينية "كان منخفضاً".

أما جورج جقمان المحلل السياسي فيرى أن قرار (إسرائيل) بالانسحاب من (اليونسكو) جاء تابعًا لانسحاب الولايات المتحدة الأمريكية لأنها الداعم الأساسي لها في كافة المؤسسات الدولية.

المساهمة الإسرائيلية في تمويل (اليونسكو) ضئيلة جداً مقارنة بتمويل الولايات المتحدة في (اليونسكو) عدة مؤسسات دولية، وهو ما يجعل الموقف والقرار في ظل إدارة (ترامب) حسب رؤية المحلل جقمان "أمراً مختلفاً".

ويضيف جقمان:"هناك جزء في مسألة الانسحاب يخص إسرائيل تحديداً وهو موقف اليونسكو الممتد من 3 سنوات بدء من موافقتها على طلبات رسمية فلسطينية بالانضمام لها"، مبيناً أن وجود فلسطين عضواً في (اليونسكو) أمر مهم، "فبالإمكان تعرية وإزعاج الاحتلال إن توفرت النيّة والصدق من السلطة الفلسطينية في تجريم (إسرائيل) وهي تعتدي على آثار فلسطينية كطرف محتل".

قرارات مهمة

قاطرة القرارات التي كشفت سوءة الاحتلال وأزعجت (إسرائيل) في السنوات القليلة الماضية كثيرة بدءً من تقرير(غولدستون) وقرارات محكمة الجنايات الدولية وجدار الفصل العنصري وقرار منظمة (الإسكوا) وغيرها إضافة إلى تصاعد حملة المقاطعة على مستويات كثيرة ضد الاستيطان الإسرائيلي.

اللكنة التي خاطبت فيها (نيكي هيلي) مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة كانت قاتمة للغاية، وقد أتبعها الأمريكان بالحديث عن تهديدات وقطع مساعدات للدول المعارضة لموقف أمريكا.

ويقول المحلل العجرمي: إن (إسرائيل) المدعومة أمريكياً وبشكل غير مسبوق في عهد (ترامب) لم تلتزم يوماً بأي قرار من قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة سواء كانت توصيات أو ملزمة لأنها دولة مارقة".

ويضيف: "تجاهلت قرارات إدانة الاستيطان وكذلك قرار 420 عن القدس عام 1980الذي لم تعارضه يومها أمريكا بينما تعد هي راعية للإرهاب لأن الاحتلال أعلى مراحل الإرهاب وخارق للقانون الدولي والدولي الإنساني واتفاقيات جنيف وهذا مرتبط بأكثر من جهة في دور اليونسكو".

ويبدو المحلل العجرمي متشائما من موقف السلطة الفلسطينية التي حصلت أكثر من مرة على دعم المؤسسات الدولية والتي أدانت "إسرائيل" في عدة قرارات لكن تقاعس الموقف الرسمي الفلسطيني أفشل جهود ملاحقة الاحتلال.

ويتابع: "مفروض أن يرتقي الأمر لدرجة ملاحقة الاحتلال في محكمة الجنايات الدولية وملاحقة قادة "إسرائيل" المتورطين في دماء فلسطينية وموقف جنوب أفريقيا في مؤتمرها الأخير موقف يحتذى به حين نتحدث عن قطع وتخفيض علاقات دبلوماسية".

حالة عدم اكتراث أو اهتمام هي حالة (إسرائيل) ومن قبلها أمريكا كما يصفها جورج جقمان المحلل السياسي فالأولى تعتبر احتلالها أمراً واقعاً وتعتمد مصادرة الأراضي وزيادة الاستيطان والتهويد كأحد أهم دعائم مشروعها الصهيوني مستمدة قوتها من الدعم اليهودي في (الكونجرس) والبيت الأبيض.

الانتفاضة الشعبية المستعرة على حدود غزة وداخل مدن وبلدات الضفة المحتلة لا أمل لتطورها طالما الانقسام الفلسطيني يحول دون التئام المؤسسات الفلسطينية مثل المجلس التشريعي وبقية المؤسسات الوطنية في ظل حديث عن مفاوضات سريّة وتواصل التنسيق الأمني وغياب حكومة وحدة وطنية.

البث المباشر