حرب الفرقان حينما انتصر الدم على السيف والكف على المخرز، فالموت في كثير من المحطات يكون نصرا وعزة، نعيش اليوم ذكراها لنعيد ونؤكد أننا شعب مظلوم مكلوم، ولكنه صابر صامد مُصر على مواجهة ظالميه واستعادة حقوقه.
رحم الله شهداء الشرطة وشهداء آل السموني، ومدرسة الفاخورة وكل شهيد ارتقى يوم الفرقان يوم تطايرت الاشلاء ودب الرعب وجاء جند الطغيان من كل جانب من فوقنا وأسفل منا من البر والجو والبحر، وأترحم اليوم على أخي محمد أبو مسلمة الذي كان من أبرز قيادات الفرقان، وأذكره حينما كان يتنقل بين جنوده وعلى خطوط النار باسم رواحة، وكلما عاد من كمين أو اجتماع او مواجهة، كأنه ولد لنا من جديد.
الشعب الذي واجه وصبر وصمد في الفرقان لا يمكن أن يهزم، لهذا نقول لفصائل المقاومة لإخواننا في كتائب القسام وسرايا القدس ولجان المقاومة والاحرار وابو علي مصطفى وشهداء الأقصى أننا نبايعكم ونفوضكم لإكمال هذا الطريق وستجدون آهالي غزة إن شاء الله معكم من الصابرين.
لم يمر يوما علينا أصعب من 27-12-2008، ولا أعتقد أنه سيأتي أسوأ ولا أصعب من هذا اليوم، كان العرب ضدنا وكانت السلطة مراقبة وجزء كبير منها متشفي، وأعلنت الحرب من العواصم العربية، وهددت حماس بالسحق وألا تقوم لها قائمة، وتم قتل خيرة مفاصل وشباب العمل بالمئات في ضربة جوية لا تقل عن ضربة 67 الأولى، وقصفت بيوت الناس وقيادات الحركة على رؤوسهم ورؤوس أبنائهم، وهجرت العائلات وأبيدت أسر بكاملها، وقيل لحماس يومها لا خيار لكم إلا الإذعان والاستسلام أو الموت.
لحظتها كان هناك قرار إسرائيلي معلنا بالقضاء على حماس وإنهاء المقاومة في غزة، ولم تكن تمتلك المقاومة إلا إرادتها وبعض الصواريخ البسيطة من نوع جراد، وغايتها الكبرى ضرب بئر السبع واسدود، ومارس يومها بعض الدول العربية والغربية عنجهية لا متناهية وقيل لحماس ستسحقون او تستسلمون، فقيل له والله لو فنينا عن بكرة أبينا فإننا لن نتنازل ولن نسلم الجندي الأسير ولن نعترف بإسرائيل.
لهذا ما تمر به غزة اليوم ليس أصعب ولا أخطر مما مرت به قبل ذلك، وهي اليوم أقوى وأقدر على مواجهة التحديات، ومن يراهن على كسرها فرهانه خاسر، وهي قادرة أن تكمل مشروعها وتخطوا بانتظام نحو لملمة الجرح الفلسطيني وبناء مشروع وطني قادر على المواجهة والتحدي.
اليوم غزة أقوى عشرات المرات مما كانت عليه يوم الفرقان الصعب، وأقدر على الصمود والمواجهة وتحمل أي عدوان إسرائيلي، وبات الاحتلال يضرب الاخماس والأسداس ويعد ألف مرة قبل ان يفكر بالعدوان على القطاع، لإدراكه ومعرفته أن أي مواجهة قادمة لن تكون كما كان قبلها، والمقاومة من جهتها تحاول ردع المحتل ولا تدخل في مواجهة يمكن ان تكلف شعبنا الكثير، فالمقاومة تعني ألا تُقصف البيوت والسيارات وألا يُغتال الشباب على الطرقات.