قائمة الموقع

فتاوى الحاخامات وثقافة التسامح

2017-12-28T16:21:17+02:00
ارشيفية
د.صالح النعامي

قد كان من المثير للسخرية أن يبرر رجل الديني الشيعي الذي كان ضمن وفد التطبيع البحريني الذي قام بزيارة الكيان الصهيوني هذا الفعل بالحرص على نشر ثقافة التسامح.

فقد تجاهل هذا الكائن وأمثاله دور فتاوى الحاخامات في توفير بيئة حاضنة للإرهاب اليهودي ضد الفلسطينيين حقيقة أن جميع العمليات الإرهابية التي استهدفت الفلسطينيين ودور عبادتهم وممتلكاتهم خلال العقود الثلاث الماضية نفذتها منظمات وجماعات وأشخاص متدينون يخضعون بشكل مطلق وواضح لتعليمات الحاخامات. إلى جانب ذلك، فقد أسهمت فتاوى الحاخامات في تعاظم مستوى تأييد الرأي العام الإسرائيلي للإرهاب ضد الفلسطينيين.

   لقد اتسم النتاج "الفقهي" للحاخامات خلال العقود الثلاث الماضية بالتركيز بشكل واضح ومتعاظم على تبيان موقف الشريعة اليهودية من أنماط التعاطي مع العرب، حيث يكاد يكون القاسم المشترك بين كل هذه الفتاوى هو الحث على تنفيذ العمليات الإرهابية وإضفاء شرعية على تشكل التنظيمات الإرهابية اليهودية.

ونظرا لأنه يصعب الإحاطة بكل الفتاوى التي تحث بشكل صريح على ممارسة الإرهاب ضد العرب، فإننا سنتعرض لأهم الفتاوى التي تركت صدى في الشارع الإسرائيلي وحرص يهود كتنظيمات وكأفراد على تطبيقها، مع مراعاة مكانة الحاخامات الذين أصدروا هذه الفتاوى.

   يعد مصنف "شريعة الملك" الفقهي، الذي وضعه الحاخامان يوسيف إليتسور وإسحاك شابيرا عام 2009 أخطر مصنف فقهي يهودي يحث على الإرهاب، ليس فقط بسبب المكانة الكبيرة التي يحظى بها الحاخامان لدى قطاع واسع من اليهود، بل أيضا لأنه تبين بالدليل القاطع الدور الذي لعبه هذا المصنف في انطلاق أخطر التنظيمات الإرهابية اليهودية التي تعمل وماتزال ضد الفلسطينيين. ومما فاقم من خطورة هذا المصنف حقيقة أنه منح "رخصا شرعية" توسع مجال استباحة دماء غير اليهود بدون أي مسوغ عقلي أو منطقي.

فعلى سبيل المثال يحث المصنف على قتل كل شخص غير يهودي يمكن أن يمثل تواجده في مكان ما خطرا على (إسرائيل) واليهود، حيث جاء في المصنف: " وقد استقر في وجداننا أنه عندما يتأكد أن تواجد غير اليهودي في مكان ما يمثل خطرا على (إسرائيل) يجوز قتله، حتى لو لم يكن هذا الشخص نفسه مصدر تهديد". أي أن مصادفة تواجد غير اليهودي في مكان ما يعد مبررا لقتله في حال اعتقد اليهود أن تواجده في هذا المكان خطر عليهم. وبعبارة أخرى يمنح المصنف الحق في قتل كل غير يهودي في حال كان قتله يخدمهم.

 ويذهب المصنف إلى حد إباحة قتل غير اليهودي من أجل الاستفادة من أعضائه وزراعتها في جسم اليهودي لإنقاذ حياته".

ويحث المصنف على قتل كل شخص يشجع باللسان الحرب على اليهود أو أنه بدا مرتاحا لهذه الحرب. ففي الفصل المعنون بـ "دعم وتشجيع"، ورد التالي: "يجب قتل أي مواطن غير يهودي يدعم الحرب (باللسان) ويمنح القوة للملك الذي يحارب اليهود وجنوده من أجل مواصلة هذه الحرب، وكل شخص في مملكة العدو يبدي ارتياحه للحرب التي تدور ضد اليهود يعد عدوا يتوجب قتله، وكذلك يتوجب قتل كل من يحاول إضعاف مملكتنا بلسانه".

أي أن التعبير عن الرأي السياسي يعد مسوغا للقتل وفق هذا المصنف، مما يزيد من هامش الحرية الممنوح لليهود في استهداف غيرهم.

ويحث المصنف على قتل كل شخص أو مجموعة أعاق تواجدهم في طريق ما اليهود عن الوصول إلى اعدائهم لمحاربتهم، حتى لو تواجد هؤلاء الأشخاص في هذا الشارع بالصدفة ولم يكن مقصودا أن يؤثر على الجهد الحربي لليهود؛ حيث يوجب المصنف على اليهود عدم التمييز في القتل بين الأطفال والنساء والشيوخ.

ويصل الشطط بواضعي المصنف إلى حد الدعوة لقتل الأطفال من "مملكة العدو" في حال الظن بأنهم سيتحولون إلى مصدر تهديد عندما يكبرون. وقد جاء: "يجوز قتل الطفل في حال اعتقدنا أنه سيضر بنا عندما يترعرع، لذا يتوجب مهاجمة هذا الطفل بشكل مقصود حتى وإن أدى إلى الإضرار بغيره، فإن كنا سنقتله عندما يكبر فلماذا لا نقتله وهو طفل".

ولم يشهد التاريخ ولادة شريعة تحاسب الإنسان على قد يصدر عنه في المستقبل، فهذا يتناقض مع أدنى متطلبات العدالة والعقل والمنطق السليم.

فهل تجدي مع هؤلاء ثقافة التسامح؟

اخبار ذات صلة