قالت "للرسالة": "إصابتي سبب سعادتي"

في الذكرى التاسعة لبتر(إسرائيل) ساقيها.. لم تبكِ جميلة الهباش!

جميلة الهباش
جميلة الهباش

الرسالة نت _ أمل حبيب

بعد أن كبّر في أذنيها قال آمرًا :"سَمُّوها جميلة"، أصر الحاج أبو العبد أن يختاروا لحفيدته هذا الاسم، كان على يقين بأنها ستكون كما جدتها بهية الطلة وأجمل الجميلات في نظره!

لم يدرك وقتها أن حفيدته لن تكون جميلة الملامح فحسب، بل ستكتسب صفات جمالية أكبر من ملامحها لتصل الروح والفعل وتمسي أيقونة للتحدي رغم الفقد والمصاب!

"قرب عيد ميلادي.. حضرولي الهدية" تمازحنا اليوم جميلة الهباش بعد مرور تسع سنوات على بتر صواريخ الحقد الإسرائيلية لساقيها خلال عدوان 2009.

غيبوبة!

فقط غيبوبة، لم تعد تذكر شيئًا منها، أو لم تعد تريد أن تسترجع شيئًا من ذاك اليوم، إلا ضحكات شقيقتها "شذا" التي رحلت مبكرًا وتركت "جميلة" دون ساقين!

خطوة واحدة فقط كان على جميلة أن تخطوها فالشمس لا تشرق في اليوم مرتين، ولم يعد هناك وقت للبكاء في الرابع من يناير من كل عام.

عبر شاشة اللاب توب تواصلنا مع جميلة التي حلقت بعيدًا عن غزة، بعد أن انضمت للتدريب في معهد الجزيرة للإعلام مؤخرًا.

ابتهاجنا كان كبيرًا بجميلة عندما طلبت منا الاستمرار في الحديث معها أكثر، قبل أن تطلب منا المغادرة للقاء صحفي لم تفصح عنه، إلا أن لمعة عينيها وهي ضيفة على أولى الشاشات الإخبارية قد وزعت عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وذُيل أسفل صورتها "قصة كفاح فتاة فلسطينية".

كانت المفارقة أن مايك الجزيرة ذاته كان حاضرًا معها في أول فيديو نشر إبان إصابتها، وهي تقول:" بحلم أصير صحفية لأنه بالصحافة مقاومة ودفاع عن القضية بالقلم والكلمة".

إصابتي سبب سعادتي!

قدرًا تصادف حديثنا مع جميلة بذكرى إصابتها، فاجأتنا بالقول:" على فكرة اليوم ذكرى إصاباتي"، أي وهجٍ ذاك الذي وصلنا من حروفها.. أي نبضٍ جديد وهي تُعَرِّف عن نفسها وتقول:" طموحة ومتفائلة لدرجة ما بتتصوريها حتى لو كل الدنيا تسكرت أو اسودت بوجهي".

لم تبكِ جميلة هذه المرة، ولم يصاحب حديثنا أي غصة، أرادت فقط أن تتحدث عن الجانب الإيجابي لإصابتها، وكانت مصرة على ذلك.

تقول: "رغم أن الذكرى لا تمت للسعادة بشيء إلا أنها سبب سعادتي الآن"، وقبل أن نبدي اندهاشنا من هذا الربط أو سؤالنا عن السبب، أكملت:" لولا الإصابة لما وصلت لما أنا عليه الآن من طموح كبير ومحبة الناس لي ودعمهم (...)عرفت قديش أنا مؤمنة بقضاء الله وقدره".

من على كرسيها المتحرك تحاول جميلة تغيير نظرة الناس لذوي الإعاقة، على أنهم بحاجة إلى الشفقة والعطف فقط.

من المهم أن ننقل لكم تلك الأنفة التي تحدثت بها جميلة معنا، ولا سيما وهي تذكر لنا نتائج الإصابة على هيئة نقاط وتردد:

"بقدر أعيش بدون مساعدة حدا"

"بقدر أدرس المجال الى بدي ياه حتى لو كل أعضاء جسمي مبتورة أو فيها خلل"

"بقدر أوقف جنب شخص سليم أو كامل الجسد وأقارن بينه وبيني بالأفعال والعمل"

"بقدر آخذ قراري وأكون مسؤولة عنه"

كانت الرسالة الأخيرة لشقيقتها الشهيدة "شذا" التي تصغرها بأربعة أعوام: "رسالتي لكِ وحدك

بعد مرور تسع سنوات على هذه الذكرى، أنا بخير رغم ما تجرعته من ألم وفقدان، وقوية كصخرة تعرضت لكوارث وما تزال متماسكة، كوردة وردية اللون رغم ما تتعرض له، إلا أنها تقاوم ولن تذبل".

بقي أن نخبركم بأن جميلة اليوم تسعى إلى تحقيق ما تبقى لها من أحلام، فبعد أن حصلت على شهادة الإعلام العام الماضي، تسعى لتصبح صحفية كبيرة ليست بالعمر، بل بالرسالة والكلمة على حد تعبيرها، وتعبيرها هنا فاق حد العقل واجتاز الخيال بقوة إرادتها.

البث المباشر