قائد الطوفان قائد الطوفان

السلطة "تنهب" غزة وتمن عليها بـ "الفتات"

ارشيفية
ارشيفية

غزة– أحمد أبو قمر

تعتبر بيئة غزة "خصبة" في جلب الأموال لميزانية السلطة، حتى في سنوات الانقسام التي لم تفتأ السلطة فيها عن جمع الأموال من القطاع بطرق غير مباشرة عبر ضرائب المقاصة والمساعدات وغيرها.

ومنذ بدء الانقسام عام 2007، استغلت السلطة الوضع للتهرب من مسؤولياتها اتجاه القطاع والاستفراد بالقرار المالي، رغم أن ما تحصله من منح ومساعدات مالية مرصود للأراضي الفلسطينية ككل بما فيها قطاع غزة المحروم من هذه الأموال.

ولعل أبرز ما يعرّي السلطة أمام بياناتها التي تعلنها عن كمية الأموال التي تصرفها على القطاع، غياب الشفافية

 في ظل الحصار المحكم الذي تفرضه على التفاصيل والبيانات المالية وباتت تتعامل مع الموازنة بدرجة عالية من السرية في ظل غياب الرقابة.

ورغم بدء العام المالي الجديد منذ بداية يناير الجاري، إلا أن السلطة لم تعلن عن موازنتها للعام الجديد وهل ستدخل غزة بالحسبان أم لا.

                                                                            تزييف للحقائق

مقرر لجنة الموازنة والشؤون المالية في المجلس التشريعي الفلسطيني النائب ابراهيم دحبور، أكد أنه يجب أن يكون لقطاع غزة "نصيب الأسد"، في ظل المعاناة التي تطال الجميع، والحصار الذي شمل كل شيء في غزة، وتأخر الإعمار، وقلة الإمكانات في المؤسسات، وتلكؤ السلطة في تحمل التبعات التشغيلية للوزارات، والامتناع عن دفع رواتب الموظفين.

وذكر دحبور أن الأرقام الواقعية تدحض ادعاءات السلطة وتبين مقدار تزييفها للحقائق، وحجم التضليل الذي تمارسه اتجاه الرأي العام من خلال الإعلام الموجه والتصريحات ذات الطابع الحزبي، وتظهر مدى تلاعبها بالأرقام وتضخيمها للنفقات على القطاع بشكل مبالغ فيه بل ومجاف للحقيقة.

وأوضح أن السلطة تتعمد القفز عن ذكر الكم الكبير للإيرادات التي تحصلها من قطاع غزة، ومحاولتها طمس تقصيرها وإهمالها وتجاوزها لاحتياجات القطاع بادعائها أن إيرادات القطاع لا تصل خزينتها، بما لا يمكنها من الانفاق عليه.

وذكر دحبور أن جُل النفقات التي تتحملها السلطة في القطاع، يمكن تصنيفها في إطار المناكفات السياسية ووضعها في خانة استمرار شراء الولاءات التنظيمية، ولا تأتي في إطار دعم وإسناد صمود أهالي القطاع.

وفي دراسة أعدتها "الرسالة" عام 2015، عن ميزانية العام الذي سبقه، خرجت بأرقام تبدو صادمة نتيجة الفرق الكبير بين ما تنشره السلطة من معلومات وما تنفقه فعليا، خاصة في ظل مساهمة قطاع غزة القوية في إجمالي إيرادات السلطة والتي بلغت 2.76 مليار دولار خلال عام 2014، خلاف المنح والمساعدات الخارجية، حيث تمثل المقاصة الجزء الأكبر من تلك الإيرادات حيث بلغ اجمالي إيرادات المقاصة 2.03 مليار دولار والصافي 1.93 مليار دولار.

وتشير البيانات إلى أن غزة تساهم بنسبة 50% من ايرادات المقاصة، وهي نسبة كبيرة جعلت من القطاع بمثابة بقعة استثمارية لخزينة السلطة.

وتعود أسباب ارتفاع ايرادات المقاصة إلى تحويل كامل الواردات لغزة عبر الطرف (الإسرائيلي) بعد اغلاق الأنفاق بشكل كامل ما ساهم في زيادة ايرادات المقاصة بنسبة 12% عن السنوات السابقة.

                                                                               الفتات لغزة

والمتابع لموازنات السلطة ونفقاتها يلاحظ أن الحصة الأكبر منها تذهب لفاتورة الرواتب والتي تبلغ (ملياري دولار) سنويا أي ما يعادل 60% من الموازنة العامة، أو 100% من الإيرادات المحلية –بيانات ما قبل خصومات الرواتب-.

وبالتالي فإن قيمة فاتورة رواتب غزة تبلغ 53.7 مليون دولار شهريا، تم احتسابها بمتوسط راتب 3.120 شيكل شهريا وفقا للبيانات الصادرة من وزارة المالية برام الله حول قيمة الرواتب الاجمالية.

لكن الجدير بالذكر أن جميع التعيينات كانت من نصيب الضفة الغربية فقط، ولم تستفد غزة من أي تعيين جديد، بل إن أعداد موظفي القطاع في تناقص مستمر نتيجة لحالات التقاعد الكبيرة التي شرعت بها السلطة خلال الأشهر الأخيرة، والوفاة وشغور الوظائف بشكل طبيعي دون تعويض، وينسحب ذلك من عام 2007 حتى عام 2017، وبالتالي فإن الزيادة المضطردة لأعداد الموظفين تسجل لصالح المحافظات الشمالية.

وعند الحديث عن المساعدات، لابد من التنويه إلى أن صافي إيرادات خزينة السلطة من قطاع غزة، لا يقل أهمية عن صافي المنح والمساعدات التي تتلقاها السلطة من الدول الأخرى، إذ أن صافي إيرادات خزينة الوزارة في رام الله من قطاع غزة بعد النفقات جميعها، يصل إلى 600 مليون دولار سنويا، أي ما نسبته 15% من الموازنة وأكثر من 60% من الإيرادات المحلية الواردة في الموازنة.

كما وتجبي السلطة ضرائب ورسوما أخرى منها ضرائب على دخل موظفي السلطة العاملين في غزة وكذلك الرسوم والمكوس المحصلة عن غزة وغيرها لم تتوفر لدينا بيانات دقيقة حولها.

وبالبيانات سابقة الذكر، لا تزال غزة تدفع الكثير للسلطة، في الوقت الذي تمن الأخيرة على البقعة الصغيرة المحاصرة بـ "الفتات".

البث المباشر