الاحتلال يحسم قضايا الحل النهائي على مرأى "اجتماع المركزي"

ارشيفية
ارشيفية

غزة-شيماء مرزوق

انقضت عشرون عاماً من مسيرة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي كان من المفترض أن تفضي إلى دولة فلسطينية على حدود عام 67، لكن الاحتلال الإسرائيلي الذي برع في المراوغة على طاولة المفاوضات رسم خارطة المستقبل على الأرض بما يحقق مصالحه وأطماعه في ابتلاع ما استطاع من أراضي الدولة الفلسطينية المأمولة.

من مكان انعقاد اجتماع المجلس المركزي في رام الله بإمكان المشاركين فيه أن يتفقدوا من نوافذهم أراضي الدولة التي ابتلعها الاستيطان، بعدما اجتاح الضفة الغربية وقطعها بما يقضي على آخر أمل بدولة فلسطينية.

ويبحث المشاركون في اجتماع المركزي سبل مواجهة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بخصوص مدينة القدس المحتلة بعد قرابة الشهرين من صدوره، فيما اجتمعت كل الهيئات والجهات الدولية والإقليمية لبحث القرار الأمريكي فور إعلانه، والأهم أن جدول أعمالهم يطرح دراسة وتقييم مسيرة التسوية منذ العام 1993 وسط شكوك قوية بأن يخرج الاجتماع برؤية جدية لإنهاء تلك الحقبة وطرح رؤية جديدة لمواجهة التحديات المستقبلية.

ومن الواضح أن الاحتلال الإسرائيلي لم يكن يوماً يقبل بدولة فلسطينية لكنه كان يراوغ حتى يحسم قضايا الحل النهائي في الميدان، ووجود رئيس للولايات المتحدة مثل دونالد ترمب وفريقه الذي يجهل تفاصيل قضايا الشرق الأوسط وتحديداً القضية الفلسطينية، كما لا يدرك خطورة أن يبقى هذا الصراع مفتوحاً دون حل يراعي الطرف الفلسطيني على حالة الاستقرار في المنطقة، ساهم في تشجيع الاحتلال الإسرائيلي على الحسم الميداني.

ويمكن حصر عدة خطوات اتخذها الاحتلال مؤخراً لإنهاء حل الدولتين وحسم قضايا الحل النهائي:

قضية القدس: إعلان ترمب القدس عاصمة لـ(إسرائيل) شكل فرصة تاريخية لها كي تحسم أهم قضية من قضايا الحل النهائي التي كانت تؤجل في كل المفاوضات السابقة نظراً لحساسيتها وتعقيداتها.

وسيمكن القرار الأميركي (إسرائيل) من توسيع الاستيطان في القدس بوتيرة غير مسبوقة محمية بالقرار الذي تسوقه للعالم، إذ صادقت بلدية الاحتلال في القدس على بناء 700 وحدة سكنية استيطانية جديدة في مستوطنة راموت بالقدس الشرقية، كما سيمنح القرار الأمريكي الاحتلال فرصة تمرير قانون الأذان الذي بموجبه يسمح للسلطات الإسرائيلية منع رفع الأذان في القدس والبلدة القديمة.

كما سترفض (إسرائيل) وضع القدس ضمن جدول الأعمال في حال إجراء مفاوضات مستقبلية كونها قضية محسومة بموجب القرار الأميركي.

قضية الأرض والحدود: تصويت حزب الليكود اليميني على قرار يطالب بضم أراضي الضفة الغربية التي تحتلها (إسرائيل) منذ العام 1967، إلى دولة الاحتلال وهي ليست المرة الأولى التي يجري فيها طرح هذه المسألة لكن توقيتها يحمل دلالة خطيرة كونها تأتي بعد أقل من شهر على قرار ترمب، وفي ظل الحديث علانية عن انتهاء حل الدولتين وطرح حلول بديلة ضمن ما بات يعرف بصفقة القرن التي ما زالت غير واضحة المعالم.

وفي ذات السياق قرر الاحتلال بناء آلاف المستوطنات في الضفة والقدس وذلك بعدما رسخ قواعد المستوطنات الكبرى في الضفة ودشن طرقا التفافية واصلة بين كل المستوطنات في حين عمل على عزل المدن الفلسطينية لتصبح أشبه بكنتونات لا يمكن أن تشكل دولة فلسطينية في المستقبل بينما تبقى المستوطنات الكبرى ضمن حدوده.

حق العودة: من اللافت تسارع الأحداث التي تمس القضايا النهائية عقب إعلان ترمب ما يؤكد إصرار الاحتلال على استغلال الحالة القائمة ووجود ترمب في البيت الأبيض لتمرير كل القضايا النهائية في ظل حالة تماهي الإدارة الامريكية مع الاحتلال، وآخرها مطالبة رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو بتفكيك وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، ودمجها في المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة.

وقال نتنياهو في بيان أصدره مكتبه: "قلت للسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، بأنه آن الأوان للأمم المتحدة أن تنظر في استمرار عمل وكالة أونروا"، معتبراً أن الأونروا تمارس في مؤسساتها تحريضا واسع النطاق ضد (إسرائيل).

مطالبة نتنياهو بتفكيك وكالة "أونروا" علنا تعد سابقة تاريخية وتزامنت مع تقليص الولايات المتحدة مساهمتها في ميزانية الأونروا بنحو 125 مليون دولار، التي ترعى شئون اللاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة والأردن وسوريا ولبنان، حيث تقدم خدماتها لنحو 5.3 مليون نسمة.

نجاح الاحتلال في حسم هذه الملفات الثلاثة في المستقبل القريب قد يعني فعلياً تصفية للقضية الفلسطينية وإنهاء أهم قضايا الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، في ظل حالة التماهي العربي والتطبيع مع دولة الاحتلال.

البث المباشر