"تقرير عريقات" يدق ناقوس الخطر في أذن عباس!

عريقات وعباس
عريقات وعباس

الرسالة نت - محمود فودة

لم تجرؤ السلطة الفلسطينية على كشف تفاصيل الخطة الأمريكية التي يحدق خطرها بالقضية الفلسطينية؛ خوفا على ما يبدو من المطالبات بضرورة تصعيد الموقف في وجه الإدارة الأمريكية والأطراف المؤيدة لها إقليميا ودوليا، ليأتي خبرها من وسائل الإعلام (الإسرائيلية)، ومع ذلك بقيت السلطة على صمتها المريب.

وفي التفاصيل، كشفت القناة (الإسرائيلية) العاشرة عن تقريرٍ قالت إن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات سلمه لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، ويحتوي على تفاصيل الخطة التي تعدها الإدارة الأميركية والتي أسمتها "صفقة القرن"، ويتكون من 92 صفحة.

وكتب عريقات في التقرير إن الإدارة الأميركية تريد منح الفلسطينيين عاصمة في ضواحي القدس المحتلة، وأن على "إسرائيل" توفير حرية التنقل والذهاب إلى الأماكن المقدسة والمحافظة على الوضع القائم فيها، وكما تشمل ضم 10% من مساحة الضفة الغربية إلى "إسرائيل"، وأن ترامب سيعلن موافقته على ضم "إسرائيل" بعض مساحة الضفة الغربية إلى السيادة الإسرائيلية خلال شهرين أو ثلاثة، وأن الحدود النهائية بين الدولتين سيتم تحديدها في المفاوضات.

كما تشمل خطة ترامب فرض سقف زمني للمفاوضات، ولن تحتوي الخطة على جدول زمني للانسحاب من الضفة، وأن الانسحاب سيتم تدريجيًا وفق الإجراءات الأمنية الفلسطينية، ومنح (إسرائيل) الصلاحيات الكاملة بكل ما يحصل في الدولة الفلسطينية المستقبلية، التي ستكون منزوعة السلاح مع قوة شرطة قوية ومدربة.

ولإغراء الفلسطينيين نصت الخطة على تخصيص أجزاء من ميناءي حيفا وأشدود البحريين ومطار بن غوريون لاستعمال الفلسطينيين، لكن الصلاحيات الأمنية في هذه الأماكن ستكون بيد (إسرائيل)، وكذلك سيتم إنشاء ممر آمن وحرية تنقل بين الضفة وغزة، تحت السيادة (الإسرائيلية)، وتسعى الخطة لإيجاد حل لمشكلة اللاجئين، لكنها لن تسمح بحق العودة إلى الأراضي المحتلة، ومن ضمن الخطة كذلك اعتراف دول العالم أجمع بإسرائيل كوطن قومي للشعب اليهودي، وبفلسطين كوطن قومي للشعب الفلسطيني.

وبناءً على ما سبق، رفع عريقات توصية مع التقرير للرئيس عباس قال فيها إنه يرى بأن لا تسمح القيادة الفلسطينية بتنفيذ خطة ترامب أو حتى مجرد دراستها، وكتب "لا داعي لانتظار الخطة الأميركية التي ستعزز الوضع القائم وستعترف بالمستوطنات وتحولنا لمجرد دولة مع حكم ذاتي".

وفي التعقيب على ذلك، يرى الدكتور سميح حمودة رئيس دائرة العلوم السياسية في جامعة بيرزيت أن المرحلة الحالية تتطلب تقوية لحالة الرفض الرسمي الفلسطيني لخطة ترمب التي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، وإنهائها بالانحياز الفاضح لصالح (إسرائيل) بدون أدنى مواربة.

وبيّن أن إدارة الأزمة السياسية الفلسطينية الحالية تتطلب تجميد الخلافات الداخلية، والاتجاه إلى إيجاد حالة توافقية لمواجهة الخطة الأمريكية التي بدأت التمهيد الفعلي لتطبيقها على أرض الواقع، مشيرا إلى أن حالة التماهي من بعض الدول العربية كالسعودية والإمارات مع الموقف الأمريكي الحالي يستدعي وقفةً وطنية حقيقية يجري التخلي فيها عن أي خلافات سابقة ولو بشكل مؤقت.

وأكد "للرسالة" أن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة لقيادة كي توعيه لما يحصل لقضيته، فهو جمهور سياسي بالدرجة الأولى، وعلى درجة عالية من الوطنية والوعي تكفي لأن يقف في وجه خطة ترمب حتى وإنْ غاب الدعم الرسمي الفلسطيني، منبهّا إلى أن الحالة السياسية الإقليمية الراهنة تؤكد أن حجر العثرة الوحيد في طريق ترمب لتنفيذ خطته هو الشعب الفلسطيني المتواجد في كافة الأماكن داخل فلسطين ومحيطها.

ودعا جميع مكونات المنظومة السياسية الفلسطينية إلى البدء في مراجعات للمواقف الداخلية، وإنهاء حالة التشرذم في الحالة السياسية الفلسطينية، والتي من شأنها أن تخدم المشروع الأمريكي الجديد، كونها تشكل حائلا دون تشكيل موقف وطني شامل وخطة وطنية جادة لإنقاذ القضية من الخطة الأمريكية.

وفي المقابل، نفى مسؤول كبير بالبيت الأبيض تقرير عريقات، ونقلت القناة العاشرة العبرية عن المسؤول قوله "من المؤسف أن هناك أشخاصا يحاولون تضليل وتحريض الناس ضد خطة سلام يدعون أنها من صياغتنا"، مضيفا "تصريحات عريقات ليست صحيحة، وينبغي على القيادة الفلسطينية ان لا تستند في ردودها على الوثيقة المفبركة".

والسؤال الذي يبرز بعد الاطلاع على تفاصيل الخطة التي في مضمونها تعني تصفية حقيقية للقضية الفلسطينية، عن المواقف التي ستتخذها قيادة السلطة والمنظمة في مواجهة الخطة الأمريكية، إلا أنها لا تبشر بإمكانية تجاوز الحدود المعتادة، بالنظر إلى أن السلطة لم تكشف للجمهور الفلسطيني مدى الخطورة التي تكمن في الخطة، واكتفت بنقاشها في أروقة المقاطعة برام الله.

حتى أن السلطة لم تتجه إلى إعلام القوى الوطنية والإسلامية بفحوى الخطة الأمريكية، على أمل تشكيل جبهة وطنية لمواجهة الخطة، بل واصلت معركتها الداخلية من خلال عدم السعي إلى تحقيق المصالحة مع حركة حماس بشكل جدي، والاستمرار في التهرب من استحقاقاتها بشهادة الفصائل والوسيط المصري.

وفي نهاية المطاف، خطورة الخطة التي باتت جميع الأطراف على إطلاع بها وفي مقدمتها السلطة ومنظمة التحرير تستوجب موقفا وطنيا بتنظيم البيت الفلسطيني الداخلي بما يقوي موقف المواجهة للخطة الأمريكية في المرحلة المقبلة.

البث المباشر