بعد تفكيك عبوات للمقاومة بطولكرم

خلافاً لقراراتها السياسية.. "السلطة" تمارس التنسيق الأمني على أكمل وجه!

صورة
صورة

غزة-محمد عطا الله

تواصل السلطة الفلسطينية ضربها بعرض الحائط كل الأعراف والمواثيق والأخلاق الوطنية وليس فقط قرارات قيادتها السياسية؛ مع اسمرارها وتماديها في دورها الوظيفي وتعزيز تنسيقها الأمني مع الاحتلال، الذي شهد مؤخرا أداءً "على أكمل وجه".

ويمكن القول إن اكتشاف وتفكيك أجهزة أمن السلطة قبل يومين عبوات ناسفة زرعت لاستهداف قوات الاحتلال شمال طولكرم، يدلل على حجم الإخلاص في تعاونها الأمني دون أي اعتبار للقرارات التي أوصى بها المجلس المركزي مؤخرا.

وجدد "المركزي" في ختام اجتماعات دورته الثامنة والعشرين برام الله، قراره بوقف التنسيق الأمني بأشكاله كافة مع الاحتلال الإسرائيلي، وكان قد اتخذ قراراً مماثلاً في العام 2015، ولم يتم تنفيذه، بل زادت وتيرة هذا التنسيق بشكل أوسع حتى يومنا هذا.

وأفاد موقع "حدشوت" العبري أن أجهزة السلطة تمكنت من تفجير تسع عبوات زرعها مقاومين في أنابيب للغاز ومخبأة بإحكام، موضحا أن هذه العبوات كانت ستستهدف دوريات لجيش الاحتلال الإسرائيلي تسير على طريق فرعي شمال طولكرم بالضفة المحتلة.

وليس إلى هذا الحد بل كشفت وسائل إعلام عبرية في وقت سابق، النقاب عن أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية ساعدت نظيرتها الإسرائيلية في تعقب الخلية التي نفذت عملية إطلاق النار قرب مدينة نابلس وأدت إلى مقتل مستوطن.

محافظة وحفاوة

ما سبق دفع قيادة الاحتلال إلى الدعوة بضرورة المحافظة على هذا الدور والتحذير من أن تقليص الدعم الأمريكي المقدم للسلطة الفلسطينية سيضر بشكل كبير في التنسيق الأمني.

وأشاد ضباط إسرائيليون وفق ما نقلت صحيفة يديعوت احرونوت العبرية أمس بالتنسيق، معقبين بالقول "التنسيق الأمني لا زال بخير، إذ اكتشف الأمن الفلسطيني عدة عبوات على إحدى المحاور بمنطقة طولكرم معدة لاستهداف الجيش، فأبطل مفعولها وجرى تسليم الأمن الإسرائيلي معلومات عنها".

وأوضحت الصحيفة العبرية أن أمن السلطة يتلقى 30 مليون دولار سنويًا دعمًا من الولايات المتحدة، عدا عن تدريبات لعناصرها عبر ضباط أمريكان، مبينة أن "هذه الأموال معدة لشراء السلاح وتمويل التدريبات ودفع الرواتب والتنسيق مع الجيش وجهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك).

وبحسب الأمن الإسرائيلي فإنه "وبدون تلك المساعدة للسلطة سيصعب على الأجهزة الأمنية الفلسطينية القيام بواجبها في مواصلة التنسيق الأمني".

مبدأ

ويرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن التنسيق أصبح مبدأً تسير عليه السلطة دون الأخذ بأي توصيات يُصدرها المجلس المركزي أو الوطني أو غيره. وبيّن الصواف في حديثه لـ"الرسالة نت" أن المتابع للإعلام العبري يدرك أن تنسيق السلطة مع الاحتلال يتعاظم بشكل غير مسبوق، معتبرا أن ما جرى في طولكرم وقبلها باكتشاف الاحتلال لمنفذي عملية نابلس ما هو إلا جزء من هذا التنسيق.

ويوضح أن السلطة وخاصة رئيسها عباس لا يُراعي الحالة الفلسطينية ويواصل الضرب عرض الحائط بكل القرارات التي اتخذتها المؤسسة والقوى الفلسطينية، لافتاً إلى أن ما تمارسه السلطة يمثل دورا وظيفيا للحفاظ على نفسها ومقدرات المتنفذين فيها.

التزام بواجب

ويتفق الكاتب والمحلل السياسي نعيم بارود مع سابقه، مبينا أن ما تقوم به السلطة من تنسيق ما هو إلا التزام بواجبها الذي أملته عليها اتفاقية أوسلو المشؤومة اتجاه (إسرائيل).

ويؤكد بارود لـ"الرسالة نت" أن السلطة تحاول الحفاظ على بقائها وتعزيز حمايتها من الاحتلال عبر مواصلة التنسيق، منوها إلى أن تلويح عباس بوقف التنسيق هو محاولة لذر الرماد في العيون وامتصاص حالة الغضب الشعبي.

وأشار إلى أن (إسرائيل) غير مطلوب منها مقابل التنسيق سوى حماية السلطة وضمان إيصال الرواتب لها مقابل ذلك تقديم الأخيرة كامل خدمات التنسيق الأمني وكأنها تعمل ضمن جهاز "الشاباك"، على حد قوله.

وفي نهاية المطاف يمكن القول إن استمرار السلطة بتنسيقها الأمني مع الاحتلال يعريها من وطنتيها ويجعلها بمثابة جيش "لحد" الذي تركه جيش الاحتلال الإسرائيلي وحيدا يلقى مصيره بعد أن تخلى عن وطنيته جنوب لبنان.

البث المباشر