قائد الطوفان قائد الطوفان

في ظل إصرار ترمب على مواقفه من القدس

تحليل: أزمة السلطة في مشروعها وليس في الوسيط

ترمب وعباس
ترمب وعباس

غزة-لميس الهمص

لا يترك الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مناسبة إلا ويعاود التأكيد فيها على يهودية مدينة القدس وخروجها من أي مفاوضات قادمة، ليمارس المزيد من الضغط والابتزاز على السلطة الفلسطينية.

ويبدو أن ترمب يصر على موقفه بعد أن علم مقياس "مراجل" الأنظمة العربية خلال جولة نائبه مايك بنس، وكذلك في ظل تخبط السلطة وعدم حسم خياراتها حتى اللحظة رغم جسامة ما يحاك ضد القدس والقضية.

وكان ترامب قد قال الخميس الماضي، إن "الفلسطينيين قللوا من احترام الولايات المتحدة، وإذا لم يوافقوا على العودة إلى محادثات السلام برعاية واشنطن، فإننا سنعلق مساعدات بمئات ملايين الدولارات".

وأكد ترامب خلال اجتماعه برئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أن "السفارة الأمريكية في القدس سيتم افتتاحها في وقت ما العام المقبل"، متابعا: "لقد أزلنا القدس من طاولة المفاوضات" حول أي تسوية قادمة مع الفلسطينيين.

وسارع الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة إلى الرد على ترامب، مؤكداً إنه إذا لم تتراجع الإدارة الأميركية عن قرارها في شأن القدس المحتلة، «لن يكون لها أي دور في عملية السلام». وشدد على أن «سياسة التهديد والتجويع والتركيع لن تجدي مع الشعب الفلسطيني». وقال: «إذا بقيت قضية القدس خارج الطاولة، فأميركا خارج الطاولة أيضاً».

ورغم أن العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية تمر بأسوأ فتراتها، فإن وجهة نظر تقول إن بقاء السلطة الفلسطينية قائمة وقوية هو مصلحة أمريكية و(إسرائيلية)، وذلك لأن فقدانها سيزعزع الوضع الأمني في الضفة، ما ينعكس على إسرائيل سلبًا التي ستضطر إلى إدارة شؤون قرابة ثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية.

وربما من هنا يفهم التهديد الذي صدر عن الرئيس عباس أكثر من مرة، بأنه في حال استمرار الوضع القائم سيحل السلطة.

إلا أن تحليلات أخرى تأخذ منحى أكثر تعقيدًا، وتشير إلى أن التهديد الأمريكي جدي، ويأتي في إطار الضغط على الرئيس عباس كشخص، بهدف التهيئة لقيادة فلسطينية بديلة.

في المقابل تواجه السلطة الفلسطينية أزمة خيارات، ويبدو أن البحث عن وسيط جديد للسير قدما في عملية التسوية يمثل مجرد ترقيع لها، ولن يكن مهمة سهلة في ظل الوضع الراهن وضرورة قبول الاحتلال به، خاصة وأن غالبية الدول الغربية التي يجري الحديث عنها مرتبطة بمصالح مشتركة مع دولة الاحتلال من جهة وبالإدارة الأمريكية من جهةٍ أخرى، ما يعني أن عباس يعمل بلا أي ظهير او سند عربي أو دولي.

ويرى مراقبون أن الأزمة الراهنة هي أزمة مشروع بأكمله وليست وسيط، معتبرين أنه لا يمكن أن يكون هناك تكرار لنفس الآليات فقط، وكأنّ الخلل في الوسيط فقط.

وبحسب الكاتب والمحلل السياسي الدكتور هاني البسوس فإنه من المستبعد العودة لمسار التسوية السياسية الفلسطينية الإسرائيلية خلال عام 2018م.

ورجح خلال حديث "للرسالة"، أن يشهد العام الجديد مزيدًا من الخطوات التصعيدية (الإسرائيلية) ضد السلطة الفلسطينية، ومزيدا من بناء المستوطنات والتهويد لقطع الطريق على المطالبة بدولة فلسطينية على حدود 67.

ويؤكد البسوس أن (إسرائيل) غير معنية بأي تسوية مع الجانب الفلسطيني سواء بوسيط أو بدونه.

ويبدو أن الوضع الراهن يستلزم من السلطة إجراء مراجعة شاملة لمشروعها السياسي والتفكير بالمنطق الوطني بعيدا عن الحسابات والأجندات الخارجية، والعودة إلى الشعب السند الحقيقي لأي قرار حاسم بأي اتجاه.

ويرى مراقبون أنّ السلطة الفلسطينية خياراتها صعبة وضعيفة، لذا عليها الذهاب للتحلل من "عملية التسوية" عبر موقف فلسطيني موحد قد يكون كفيلا بمنح الفلسطينيين روافع دبلوماسية وسياسية لفرض وقائع جديدة.

وذكر البسوس أن السلطة تعيش وهم التسوية السياسية التي لم تعد قائمة وتبيع أوهام للشعب الفلسطيني.

وتشير المعطيات إلى أن قرار ترامب لم يسدل الستار على فرص حل الصراع سياسياً فقط، بل إنه جعل البرنامج السياسي لرئيس السلطة الذي يقوم على المفاوضات، منفصل عن الواقع.

وهنا يعتقد المحلل السياسي، نشأت الاقطش، انه ليس لدى السلطة خيارات وتوجهات، وقال:" هناك خيار الرفض ومقاطعة اسرائيل الذي يمكن ان يحرك ويغير الكثير من المعادلة، لكن يبدو ان السلطة غير مستعدة لاتخاذ هذا الموقف".

ويقول في تغريده له إن بدائل السلطة المطروحة حاليا في حال استمرار تعثر المفاوضات مع إسرائيل "صعبة وليست في متناول اليد، وتحتاج إلى معارك ومواجهات دبلوماسية لا تقل عن معارك المنظمة خلال 18 سنة من المفاوضات". 

البث المباشر