قائد الطوفان قائد الطوفان

3 ملفات تثير مخاوف الأردن من الرؤية الأمريكية للتسوية

ارشيفية
ارشيفية

غزة-شيماء مرزوق

عكس الموقف الرسمي الأردني الرافض لإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعترافه بمدينة القدس المحتلة عاصمة لكيان الاحتلال، المخاوف الأردنية من صفقة القرن التي يجري الحديث عنها، لاسيما أنه تزامن مع حراك واسع في الشارع الأردني، غير أن هذا الموقف تلاشى تدريجياً حتى بات باهتاً بما يعكس حجم الضغوط الممارسة على الأردن.

وتاريخياً، يعد الأردن أحد أهم الدول العربية التي تشرف على ملف القضية الفلسطينية، وتطلع على كل تفاصيلها إلى جانب مصر، ولا يمكن تمرير أي حل للقضية دون إشراك الدولتين فيه.

ورغم أن الأردن تتبنى المبادرة العربية القائمة على رؤية حل الدولتين مع حل عادل لقضية اللاجئين وشرقي القدس عاصمة، إلا أن الانقلاب الذي جرى في السياسة الأمريكية عقب تولي ترمب الرئاسة سينعكس على الدور الأردني الذي بات يشعر انه مستهدف من تلك الصفقة الهلامية.

وقد ألمحت عدة أطراف إلى أن صفقة القرن لا تستهدف الفلسطينيين وحدهم ومن بينهم خالد مشعل رئيس المكتب السياسي السابق لحركة حماس والذي قال في تصريحات صحفية " الظرف اليوم يفرض علينا أن نتوافق على الانتفاضة، وان نتفق على استراتيجيتها، لأن صفقة القرن تتجاوز الرئيس محمود عباس والأردن وأطرافاً بعينها، وتعني تشريع التطبيع العربي بغطاء فلسطيني".

وربما يجد الأردن نفسه مجبراً على أن يكون أحد الأطراف التي ستمرر الصفقة تحت ضغط المساعدات الأمريكية التي يتلقاها سنوياً والتي بلغت 1.3 مليار دولار خلال 2017 بحسب وزارة التخطيط والتعاون الدولي الأردنية، وهو رقم من الصعب تجاوزه بالنسبة للمملكة الفقيرة التي تعاني أزمات اقتصادية عدة.

ولا تعد المساعدات المالية السلاح الوحيد الذي يصوب نحو الأردن في عملية التسوية، وإنما هناك الحدود والأمن والذي تتباهى (إسرائيل) وتجاهر علانية أنها توفر الحماية والأمن للأردن والتي تحيط بها الأزمات على عدة جبهات أبرزها سوريا ولبنان والعراق.

وهنا يقع النظام الأردني بين فكي الكماشة فهو مجبر على الرضوخ للضغوط الامريكية والإسرائيلية للتعاون في أي صفقة قادمة والتي من المتوقع أن تكون انطلاقتها من الأردن التي كانت على مدار سنوات نقطة التقاء وتنسيق خاصة لأجهزة المخابرات التي تتبع المنظومة الأمنية في المنطقة المكونة من "اميركا-(إسرائيل)-السعودية-الأردن-مصر-الإمارات-السلطة الفلسطينية".

في المقابل، فإن الصفقة التي يخطط لها الطرفان الأميركي والإسرائيلي تستهدف الأردن كما تستهدف القضية الفلسطينية وتمريرها لا يراعي المصالح والرؤية الأردنية على عدة أصعدة:

أولاً: قضية القدس، فمن المعروف ان المملكة الهاشمية صاحبة الوصاية على المقدسات في المدينة المقدسة منذ عقود لكنها حصلت على تفويض مكتوب في العام 2013 حيث تخشى الأردن من أن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة للاحتلال ورفض إدراجها في أي مفاوضات قادمة يأتي على حساب دورها ونفوذها في المدينة المقدسة والذي يمنحها شرعية وسلطة دينية لا يستهان بها.

ثانياً: قضية اللاجئين الفلسطينيين في الأردن والذين بلغ عددهم أكثر من 2.22 مليون فلسطيني بحسب احصائيات وكالة غوث وتشغيل الأونروا في العام 2016، والذين يشكلون ما نسبته 46% من اللاجئين الفلسطينيين في العالم، ويشكلون أكثر من نصف سكان الأردن، ومخطط التوطين الذي ترمي إليه صفقة القرن يعني أن الأردن سيتحمل الجزء الأكبر من تبعات التوطين.

وكان من الواضح الغضب الأردني على الإجراءات التي تستهدف الأونروا التي تعمل على أراضيها على تقديم خدمات الصحة والتعليم للاجئين، وتقليص الدعم المقدم لها ومحاولات انهاء عمل الوكالة سيحمل الأردن تبعات اجتماعية ومالية واقتصادية لا قبل لها بها على المستويين القريب والبعيد.

ثالثاً: من زاوية أخرى فان إشكالية الأمن وعدم الاستقرار ستبقى قائمة لدى المملكة صاحبة أطول حدود جغرافية مع فلسطين التاريخية، ما يعني انها ستتحمل التبعات الخطيرة لتمرير الصفقة خاصة أن أي زعزعة للأمن في الضفة الغربية أو اندلاع انتفاضة ستطال تبعاته الأردن الدولة الوظيفية قبل غيرها، وربما هذا ما كان يعنيه ملك الأردن عبد الله الثاني حينما قال ان القدس هي مفتاح السلام والاستقرار، في إشارة منه الى الاخطار الكبيرة التي تحملها صفقة القرن والرؤية الامريكية الجديدة لتسوية الصراع.

ورغم كل الاخطار التي يستشعرها الأردن إلا ان قدرته على المواجهة والفعل تبقى محدودة وتقتصر على الصراخ داخل الغرف المغلقة ومحاولة حشد مواقف بعض الدول التي تشترك معه في المخاوف مثل لبنان، ولذا كان ما تسرب عن تحذيرات ملك الأردن لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من رؤية ترمب للحل والتي سيفرضها على الجميع دون مراعاة لأي مصالح أخرى.

البث المباشر