يستبعد مراقبون للشأن الفلسطيني اندلاع مواجهة بين المقاومة وجيش الاحتلال في الوقت الراهن على خلفية تدهور الوضع الإنساني في قطاع غزة، منوهين بذات الوقت لسخونة وأولوية الجبهة اللبنانية لدى جيش الاحتلال في هذه المرحلة.
وكان رئيس أركان الجيش غادي آيزنكوت حذر خلال حضوره جلسة الحكومة الإسرائيلية من خطورة الأوضاع الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة وبخاصة أزمة الكهرباء خلال فصل الشتاء الحالي بالإضافة لمشاكل المياه والصحة وغيرها.
وقال آيزنكوت بحسب ما نقلت وسائل إعلام إسرائيلية: إن "تقاطع عدة مسببات من شأنها تسريع عجلة مواجهة جديدة قد تقع في العام الحالي 2018".
وبحسب مسؤولين ومؤسسات دولية فإن سكان القطاع البالغ عددهم نحو مليوني نسمة يعانون من أوضاع غاية في التعقيد بسبب الحصار الإسرائيلي المشدد والإجراءات العقابية التي يفرضها رئيس السلطة محمود عباس على القطاع.
المواجهة بعيدة
وفي هذا السياق، يرى حمزة أبو شنب الكاتب السياسي في مقاله له، أن المواجهة بين المقاومة و(إسرائيل) في قطاع غزة ما تزال بعيدة، مشيرا إلى أن المناورات والتدريبات العسكرية الأخيرة للجيش الاسرائيلي اعتاد عليها أيزنكوت منذ توليه رئاسة الأركان للاستفادة من الدروس والعبر بعد عدوان 2014.
ويوضح أبو شنب أنه، من غير الجيد ربط المناورات العسكرية باحتمال حصول عدوان على قطاع غزة أو أن الظروف السياسية المواتية والتي تتحدث عن حلول تفرض على الفلسطينيين بأنها تستلزم عدواناً جديداً.
وعن السبب الذي يؤجل أي مواجهة قريبة، يقول: "خلال الفترة الماضية نجح العدو الإسرائيلي في اكتشاف بعض أنفاق المقاومة الفلسطينية في المناطق التي يسيطر عليها وذلك يؤجل أسباب أي مواجهة في الوقت الراهن"، مضيفاً:" لا شك أن المقاومة في قطاع غزة تزعج العدو إلا أن ساحة لبنان هي الأكثر سخونة هذه الأيام، ويعود ذلك لاتهام (إسرائيل) حزب الله بإقامة مصانع أسلحة وصواريخ مما يؤهله لامتلاك أسلحة كاسرة للتوازن في المواجهة مع (إسرائيل).
ويؤكد أبو شنب أنه بالرغم من الظروف الصعبة التي يمر بها قطاع غزة إلا أن المواجهة بين المقاومة و(إسرائيل) لاتزال بعيدة.
لا داعي لحالة الهستيريا
ولم يذهب د. عدنان أبو عامر المختص بالشأن الإسرائيلي بعيدا عما تحدث به سابقه، إذ علق عبر فيسبوك قائلاً: "صحيح أننا أمام عدو غادر، وكيف نأمنه وهذا أثر فأسه، ولابد من أخذ الاحتياطات والحذر، لكن لا داعي لحالة الهستيريا في غزة من حرب قادمة، فـ(إسرائيل) تشن علينا حروبا عدة في وقت واحد، لكن دون ضجيج".
وأوضح أن جمود اللحظة الراهنة هو الموت بعينه "ولن تهتم (إسرائيل) كثيرا، ولا العالم المتواطئ معها"، مؤكدا على أن قطاع غزة لا يرغب الحرب، داعياً إلى مسيرات شعبية نحو الحدود بطريقة منظمة وليست عشوائية، مع قوى سياسية تقودها من الخلف، ذات نفس طويل.
وعلى ما يبدو فإن هناك تسخينا اعلاميا اسرائيليا يجري في الوقت الراهن، لاسيما من قبل مراقبين عسكريين يطلقون تحذيراتهم من حرب وشيكة مع القطاع ما لم تتدارك الحكومة الوضع وتحاول منعها بدلاً من انتظارها.
وسبق ذلك كشف القناة الثانية العبرية النقاب عن إرسال قادة الأمن الإسرائيلي برسالة تحذيرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مفادها أنه في حال ترك الأمور على حالها بالقطاع فالمواجهة قادمة لا محالة، وذلك على الرغم من عدم رغبة اللاعبين الرئيسيين بها "الاحتلال الإسرائيلي وحركة حماس".
وبحسب ما أوردته القناة مطلع الأسبوع الحالي، فإن تقديرات الوضع على صعيد القطاع خطيرة بشكل خاص، إذ بعث كبار قادة الأمن تحذيراتهم لنتنياهو مؤخرًا بشأن دلائل على تدهور دراماتيكي في الوضع الاقتصادي والإنساني داخل القطاع.
وزعمت القناة أن خطورة الوضع دفعت لدراسة إمكانية إرسال المواد الغذائية والأدوية عبر (إسرائيل) إلى غزة للمرة الأولى.
وشن وزراء في "الكابينت" هجومًا شديد اللهجة تجاه ما أسموه "سياسة الإفلاس التي تنتهجها الحكومة إزاء التهديد القادم من الجنوب".