قائد الطوفان قائد الطوفان

مقال: حُب وقمامة

وسام عفيفة

يتجسد مشهد سيريالي في غزة المحاصرة المعاقبة بين هدايا الحُب الحمراء التي تحتل واجهات المحال التجارية وبين أكوام القمامة المتكدسة في كافة مستشفيات وعيادات القطاع، حيث تجددت أزمة النظافة في مرافق وزارة الصحة بغزة للمرة الثانية في غضون شهر، مما ينبئ بكارثة إنسانية متوقعة خلال الأيام المقبلة، في حال لم تتدارك حكومة الحصار الأزمة بصرف المستحقات المالية لشركات النظافة، والتي بلغت خمسة ملايين شيكل.

لطالما كانت أكوام القمامة أحد مظاهر الغضب ومؤشر على الاحتجاج ضد السلطات العاجزة او الفاسدة، بينما لايزال الرابع عشر من فبراير تاريخا للباحثين عن أي مناسبة للهروب من النفايات السياسية والنفسية التي تحاصرهم، حتى وان كان غالبيتهم لا يمتلك ثمن شراء دب أو قلب أحمر.

القمامة في مستشفيات غزة هي أبلغ عنوان لحكومة الحمد لله التي تمارس" التزبيبل الإداري والسياسي" ضد الغزيين في زمن الصفقة الكبرى التي تستهدف اضعاف القضية وتقسيم المقسّم من بقايا وطن، بينما تصدر الحكومة بيانات التصدي والصمود في وجه المؤمرة الامريكية.

عمال النظافة في غزة خصوصا في المستشفيات أعادوا التذكير بانهم محتجون على الطريقة اللبنانية عندما خرجت الجماهير للتظاهر في  2015  باسم" طلعت ريحتكم" ضمن حملة احتجاجات شعبية كانت حجتها الرئيسية بدايةً تراكم النفايات في شوارع بيروت وسائر المناطق وعجز السياسيين عن معالجة الأزمة.

رسالة عمال النظافه للحمد لله ومرجعيته الإدارية والتنظيمية في المقاطعه: ريحتكم طلعت" وازكمت انوفنا ولم يعد أمام الشعب الا التخلص من هذه النفايات السلطوية.

مشهد الحب والقمامة في غزة يفتح صفحات من الادب الروائي ويذكرنا برواية (حب وقمامة) التي كتبت في براغ بين 1983 و1986 (تشيكيا في الحقبة الشيوعية) للكاتب التشيكي إيقان كليما. وتعالج اغتراب الفرد، سواء داخل بلاده، أو خارجها، تغوص في عالم المهمشين بإمعان، وتنفتح على موضوعات ملحة في عالم اليوم، البطالة في البلدان الفقيرة، إنعدام الحريات، سيطرة الماورائيات على عقول الناس، أطفال الشوارع، الفقر، المرض.

في نهاية الرواية ترتفع كل هذه الارواح فوق الأرض وفوق البحار وتملأ الفضاء بأنين أصحابها.

البث المباشر